لا يمكننا تحمل حماقات إيران وغيرها في منطقة الخليج العربي وجواره الجغرافي، ولكن خيار تغير سلوكها بالحرب أمر خطير جدا، بل حتى الدعم الحقيقي للثورة في ايران سيحولها حتما إلى دولة فاشلة وبكل شرورها المعروفة من الإرهاب والطائفية والجريمة المنظمة بل والقرصنة على شواطئ ممر مائي ينقل حوالي 40% من نفط العالم.
منطقة الخليج العربي مركبة بطريقة «أحجار الدومينو»، سقوط أي حجر يعني تساقط الجميع، فلماذا الاستمرار بالتحرش ببعضنا البعض، وأعداؤنا سعداء جدا بغبائنا أو عداوتنا!
يقولون ـ لابد مما ليس منه بد ـ وأقصد مسألة الحوار ومحاولة بناء الثقة تدريجيا بين دول الخليج الثماني دون استثناء، حتى لو كنا أعداء، لابد لنا ان نتفاوض ونتحدث حتى لو بدأنا بالمستوى غير الرسمي، كالهيئات البرلمانية والمثقفين والمنتديات السياسية او الاقتصادية.
لا أحد يمكنه إزاحة الآخر بالقوة، فلماذا تضيع دول المنطقة مليارات الدولارات من الكاش، ومليارات الدولارات من الفرص الاقتصادية الضائعة.
مثلا، إيران لا تحتاج للأسلحة النووية لحماية نفسها، فالعراق في قمة قوته العسكرية ووراءه كل دول الخليج بالإضافة للدعم الغربي غير المباشر لم يستطيعوا أن يسقطوا إيران في حرب الخليج الأولى (1980 ـ 1988)، فلماذا تصرف ايران المليارات على برنامجها النووي، بل لماذا تتحمل كل هذا الحصار والمقاطعة الاقتصادية لسنوات عديدة وتحمل المواطن الإيراني كل هذا الشقاء؟!
يبدو أن المشكلة الرئيسية في منطقة الخليج انها مليئة بالدول الصغيرة والتي يتطلع الكبار في الاقليم الى السيطرة عليها او وضعها تحت قيادته، تاريخيا لم ينجح احد في السيطرة على دول الخليج إلا الدول العظمى فقط، والتي يتعاظم نفوذها في الخليج بعد كل صراع خليجي ـ خليجي، واقصد بالخليج كل الدول الثماني وليس الست فقط.
يطرح علماء السياسة فكرة عملية وعلمية لحل مثل هذا الإشكال، وهي فكرة المركب الأمني الاقليمي Security Complex لعالم السياسة باري بوزان، ويقصد بالمركب الأمني «مجموعة من الدول ترتبط اهتماماتها الأمنية الأساسية مع بعضها بصورة وثيقة، حيث ان أوضاعها الأمنية الوطنية لا يمكن النظر إليها بمنأى عن بعضها البعض.
تقوم نظرية مركب الأمن الإقليمي على مجموعة من الشروط، من خلالها لا تستطيع استعمال تعبير مركب أمن إقليمي لوصف أي مجموعة من الدول، منها ان تمتلك هذه الوحدات السياسية درجة من الاعتماد الأمني، تكفي لتأسيسهم مجموعة مترابطة ومتميزة عن الأقاليم الأمنية المحيطة بها».
هناك موانع لتشكيل المركبات الأمنية الإقليمية، منها ما يسمى بـ «عامل التغطية» وهو يشير إلى الوضع الذي تسيطر فيه قوة عظمى خارجية «كالولايات المتحدة والخليج» على الإقليم عسكريا من أجل تحقيق مصالحها.
وبالتالي وجود قوة عظمى يثبط تشكيل القوى المحلية للكيانات الأمنية الخاصة بها.
الخلاصة: النظام الإقليمي الخليجي مخترق أميركيا لصالح إسرائيل حتما، وضد أن يجتمع الخليجيون من مختلف دولهم في مركب أمني إقليمي مستقر ومزدهر، لذلك من الصعب جدا تشكيله ولكن ليس من المستحيل.