لا حديث في المنطقة إلا عن الحرب القادمة، ولا عجب من ذلك فالتهديدات المتبادلة بين ايران واميركا ونشر قواتهما ورفع جاهزيتها كلها تزيد من احتمالية الحرب.
إيران تعاقب وتزداد عليها العقوبات ولا يترك لها الباب الأميركي مواربا لتدخل في مفاوضات على المسائل الخلافية، سواء في الاتفاق النووي أو في غيره.
من المفهوم أن العملية التفاوضية تحتاج إلى شد وجذب، ولكن من المؤكد أيضا أن ممارسة الضغوط الاقتصادية والعسكرية يجب أن تتواكب مع فتح قنوات تفاوضية غير مباشرة وتخفيض حدة الخطاب السياسي من أجل الوصول إلى تسوية.
مؤخرا حاول ترامب عندما أشار إلى استعداده الحديث مع الإيرانيين ولو عبر الهاتف!
يرى أغلب المحللين المختصين أن الولايات المتحدة لن تبدأ الحرب ـ وكذلك ستفعل إيران - ولكن الخطر الحقيقي وجود القوات الإيرانية والأميركية على مقربة من بعضهما، وفي حالة استنفار كامل، مما سيحول أي شرارة صغيرة إلى حريق كبير يلتهم المنطقة.
كذلك إيران تهدد بوقف تصدير النفط عن الجميع إذا ما أجبرت على وقف صادراتها النفطية، وربما التحرشات في الناقلات الخليجية مؤخرا، واستهداف أنابيب النفط السعودي في ينبع والدوادمي عبر الحوثي، رسالة تأكيدية لتصريحاتهم.
وإذا ما أضفنا أن ترامب محاط بمستشارين مؤدلجين يسعون للحرب كالوزير بومبيو والمستشار جون بولتون، ولهم تصريحات ومواقف سابقة بالدعوة لعمل عسكري ضد إيران، خصوصا ان الرئيس ترامب معروف عنه أنه لا يجيد اللغة الديبلوماسية، فكيف سيجيد الأمور الاستراتيجية والحرب.
هذا ما عبر عنه وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس ووزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، ومستشار الأمن القومي السابق هـ. ماكماستر والذين أكدوا أنهم نجحوا في منع الرئيس من اتخاذ قرارات سياسية متقلبة أو غير قانونية عندما كانوا في السلطة!
من المؤكد أن من مصلحة الولايات المتحدة ألا يختفي أحد أقطاب الحرب الباردة الطائفية في المنطقة، والذي يوفر العداء معه الشرعية له ولغيره.
إضافة إلى أن القلق السياسي في المنطقة أحد الأمور المربحة للولايات المتحدة، والتي تجتذب مليارات الخليج نحوها.
الخلاصة: لا حرب في الخليج ـ وأيضا ـ لا انتهاء للحرب الباردة الخليجية إلا بتغير مفاجئ وقوي من الداخل كما كان الحال في الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة في القرن الماضي، والتي انتهت بسقوط السوفييت لأسباب داخلية بحتة.