تحركات ديبلوماسية كبيرة ومكثفة في أنحاء العالم من بروكسل واجتماع وزراء دفاع حلف الناتو NATO، والى مدينة أوساكا اليابانية، حيث اجتمع زعماء دول الـ G20، وقبلهم اجتماع القدس الثلاثي بين مستشاري الأمن القوى لروسيا والولايات المتحدة وإسرائيل، جميع تلك الاجتماعات تناولت بشكل أساسي أو جزئي الأزمة الأميركية ـ الإيرانية وامتداداتها في الشرق الأوسط والخليج العربي.
يخشى العالم من انزلاق الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران إلى حرب مدمرة، خصوصا مع اتباع ترامب لسياسة حافة الهاوية، ويتساءل الكثيرون هل هناك حل ثالث غير التراجع الأميركي في مواجهة إيران أو الانخراط في عمل عسكري، وبدلا من إجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات.
وهذا ما اتضح في الأسابيع الماضية بعد الاستهداف المتكرر للناقلات وحتى إسقاط طائرة التجسس الأميركية من قبل إيران، حيث تراجع ترامب عن سياسة حافة الهاوية مرغما، ومعللا ذلك بأنه لا يريد الحرب.
سياسة حافة الهاوية خطر جدا، وهي قد تنجح او تفشل في تحقيق أهدافها، وهنا يجب التنبيه انه من الممكن استمرار سياسة حافة الهاوية لبضعة أيام (كأزمة الصواريخ الكوبية بين السوفييت وأميركا ١٩٦٢) أو لبضعة أسابيع كحد أقصى وليس لأشهر، وإلا انزلقت الأزمة إلى مواجهة وحرب لم يكن تتوقعها او تريدها الولايات المتحدة.
بالتأكيد إيران لن تقبل ان تموت تدريجيا وستقاوم ذلك، فإستراتيجية الصبر الإيراني والتي طالما اتبعتها في علاقاتها الدولية ومشاكلها حول مشروعها النووي بدأت تنفذ، ولذلك يعتقد البعض ان إيران هي الآن من تصعد في الأزمة الأميركية ـ الإيرانية او على الأقل تقابل التصعيد بالتصعيد، وان كانت وجهة النظر الإيرانية لا ترى ما تفعله تصعيدا بل محاولة لإشعار العالم بمعاناتها الاقتصادية والدبلوماسية مع أميركا.
أما من وجهة النظر الأميركية ـ الترامبية فإن إيران تختنق اقتصاديا ومزيد من اتباع استراتيجية الصبر الأميركية معها، وتحمل بعد التحرشات الإيرانية سيؤدي في نهاية الأمر إلى احد الاحتمالين، أما خضوع إيران للإرادة الأميركية او انهيار إيران دون الانزلاق إلى حرب عسكرية تكلف الولايات المتحدة اقتصاديا.
ختاما، لم يكن من المتوقع أن تتحول استراتيجية إيران من الصبر إلى التصعيد والأكثر غرابة هو أن تغير الولايات المتحدة الأميركية استراتيجيتها من التصعيد الى الصبر، وما بين المؤتمرات والاجتماعات الدولية والإقليمية من جهة وما بين الصبر الأميركي والتصعيد الإيراني من جهة أخرى، ترتفع أمواج الخليج عالية منذرة بالخطر الكبير المحدق في دولها قاطبة.