قرابة السنوات العشر وتركيا تطالب بأنظمة دفاع جوي، والولايات المتحدة ترفض تبادل تقنية الصواريخ الحساسة مع أنقرة كبطاريات الدفاع الجوي باتريوت، فحدا بتركيا للتوجه الى موسكو طلبا للمساعدة، وبالفعل حصل على احدث وأقوى انظمة الدفاع الصاروخي الروسي S-400 والذي وصل في 12 يوليو، مما اغضب الولايات المتحدة والتي تهدد بفرص عقوبات وفك ارتباطها مع الاتراك في صفقات السلاح كطائرة F35 وغيرها تطبيقا لقانون مكافحة خصوم أميركا CAATSA والذي يمنع الدول التي تتعامل مع أميركا عسكريا من التزود بالأسلحة الروسية.
هذا يعكس تدهور العلاقات التركية-الأميركية، خصوصا بعد المحاولة الانقلابية على اردوغان منذ ثلاث سنوات في يوليو ٢٠١٦، والتي تتهم انقرة فيها المعارض التركي المقيم في أميركا فتح الله غولن، ناهيك عن ردة الفعل الاولية الأميركية والأوروبية الفاترة والمترددة تجاه الانقلاب.
توالت الازمات بين تركيا والولايات المتحدة على اسباب مختلفة بدءا من الدعم الأميركي العسكري والسياسي للأكراد في سورية والذي يتعارض مع المصالح العليا التركية كما يراها اردوغان وحكومته، مما ولد عدة صدامات واحيانا عمليات عسكرية كبيرة (كدرع الفرات) في الشمال السوري.
وبالتأكيد، حادثة اعتقال القس الأميركي في تركيا «أندرو برونسون» واتهامه بالتجسس ومساعدة المنظمات الإرهابية، وما صاحبها من ازمة ديبلوماسية بين البلدين أدت الى فرض عقوبات اقتصادية على وزراء اتراك ورفع الرسوم على واردات الحديد والصلب التركي الى أميركا مما أحدث هزة بالاقتصاد والعملة التركية.
أضف الى ذلك - ان اردوغان وحكومته ليسوا على علاقات جيدة مع اسرائيل والتي تعتبر من اهم المصالح الأميركية في الشرق الاوسط، كما تختلف تركيا مع سياسات الولايات المتحدة وبعض الدول العربية الحليفة لها في ملفات عديدة، كملف الازمة النووية الايرانية وطريقة حلها، او بتأييد تركيا للحركات السياسية العربية المطالبة بعملية تغيير سياسي ديموقراطي في المنطقة.
ختاما - من الناحية العسكرية تبدو الخيارات التركية صعبة جدا، فكل منظومات الاسلحة لديها لا يمكن ان تعمل مع الاسلحة الروسية سواء صواريخ S-400 او الطائرة الروسية سوخوي 35 والتي عرضت روسيا بيعها لتركيا.
أما سياسياً فالعلاقات التركية مع روسيا والصين تبدو واعدة اكثر من علاقتهم مع أميركا وأوروبا، لأسباب عديدة منها، ان الأوروبيين لسنوات عديدة يرفضون انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي، بينما يقبلونها عضوا في حلف الناتو وهم بذلك يستغلونها عسكريا واستراتيجيا منذ الحرب الباردة، ويمنعونها من منافع الاتحاد الاوروبي الاقتصادية.
وفي الجانب الآخر روسيا تعرض على الاتراك احدث اسلحتها، وأيضا تنسق معها في الازمة السورية، وأما الصين فقد عرضت شراكتها الاقتصادية ومشاريعها على الاتراك.
الخلاصة: العلاقات التركية-الأميركية على مفترق طرق، فلا يمكن وصفها بالعداوة ولا الصداقة الحميمية، هي الى الآن في مرحلة خصومة الأصدقاء فقط، وبإمكان المياه تعود الى مجراها الطبيعي وأن تفرض تركيا احترامها على ترامب، واما الصواريخ الروسية فيمكن بيعها الى طرف ثالث بالتنسيق مع الروس.