بعد ان تبرأ الاتحاد الأوروبي من القوة البحرية التي تسعى أميركا وبعض حلفائها بالخليج لتشكيلها بهدف حماية ومرافق السفن في مياه الخليج ومضيق هرمز، وقبل ذلك نفى الناتو على لسان أمينه العام تلقيه اي أوامر بنفس الغرض، أصبح المشروع الأميركي بإنشاء قوة بحرية دولية لحماية الملاحة في الخليج مرفوضا دوليا باعتباره تصعيدا للازمة الأميركية ـ الايرانية وقد يشعل حربا بالمنطقة، ولا بديل امام أميركا سوى مواجهة التصعيد الايراني بنفسها او التفاوض معها.
قبل ثلاثة اسابيع تقريبا في نيويورك، كانت هناك محاولة ديبلوماسية قام بها مجموعة من مجلس الشيوخ الأميركي وعلى رأسهم السيناتور بول المقرب والمخول من ترامب بطريقة غير مباشرة للتفاوض مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، وبالفعل تم تبادل الآراء بين الاثنين، وصرح ظريف بعد اللقاء للإعلام بأن ايران على استعداد ان توقع البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي ينص على تفتيش المنشآت المدنية مدى الحياة، مقابل رفع العقوبات الأميركية.
ومن جانبه، تحدث بول للإعلام قائلا «هناك احتمال بأن توقع إيران على اتفاق، الإيرانيون لن يطوروا سلاحا نوويا أبدا، وانا على ثقة بأن الرئيس ترامب يريد صفقة مع ايران وانه سيحصل عليها بحسب معرفتي به».
ولكن فوجئ الجميع من أسبوع تقريبا بإصدار الإدارة الأميركية عقوبات اقتصادية جديدة ضد ايران طالت وزير خارجيتها والمسؤول عن أي مفاوضات مستقبلية السيد جواد ظريف.
لو أخذنا في الاعتبار ثقة السيناتور بول، بأن ترامب بالفعل يريد التفاوض مع ايران وسيحصل عليه، ومع الفشل التصعيدي مع ايران من جهة، وتخلي الأوربيين عن فكرة حماية الملاحة في الخليج من جهة اخرى، نجد اننا امام حقيقة ان الرئيس ترامب بالفعل يريد اعادة تجربته مع كوريا الشمالية واقصد بالتفاوض (man to man) مع رأس السلطة مباشرة، وفي الحالة الايرانية يعني مرشد الثورة الايرانية خامئني، وهذا هو المبرر وراء إصدار العقوبات الأميركية على ظريف، ولكن يغفل الأمريكيون أن شخصية خامئني تختلف عن كيم جونغ، فالمرشد لا يمارس السياسة في العلن كثيرا، ناهيك عن ممارسة الديبلوماسية والمفاوضات، بالإضافة الى ان شخصية الرئيس الأميركي ترامب وسلوكه غير المنضبط في المؤتمرات الإعلامية قد يحرج المرشد والذي يتصوره اتباعه بصورة خاصة.
ختاما: ربما ترك الأوروبيون ايران وحدها تقاسي العقوبات الأميركية، ولكنهم تركوا ايضا الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية تطور الأوضاع في الخليج العربي ومضيقه، وهنا يمكن تفسير ردة الفعل البريطاني الباهتة على توقيف سفينتها من قبل الإيرانيين او حتى الرفض الألماني لتشكيل قوة أوربية بغرض حماية الملاحة في الخليج.
الخلاصة: الخطوة الأميركية بمعاقبة ظريف والأمل بالتفاوض مع خامئني مباشرة هي خطوة خاطئة في الطريق الصحيح وهو حل الأزمة الأميركية الإيرانية بالطرق الديبلوماسية.