نشأة المجلس الانتقالي الجنوبي المبكرة جدا بعد بداية حرب الحزم بثلاثة أشهر فقط كانت مثار تساؤلات عديدة لدى متابعي الشأن اليمني، فطبيعة الجهاز كانت سياسية وجهوية وليس قواتا عسكرية من ضمن الجيش الوطني، علاقته المبكرة بالحوثيين الذين اشترطوا عقب المفاوضات السياسية التي جرت في موسكو وسلطنة عمان بعد بضعة أشهر من الحرب اليمنية، والتي ترتب عليها آنذاك انسحابات حوثية مبكرة من المناطق الجنوبية بشرط بتسليمها إلى المجلس الانتقالي الجنوبي وليس إلى الشرعية اليمنية!
جميع المؤشرات كانت تدل على أن هناك من كان يخطط لإنشاء سلطة سياسية مستقلة في اليمن الجنوبي تزاحم سيادة وسلطة الشرعية اليمنية، وفي نيته أيضا عدم الاستمرار في خوض الحرب بجانب الشرعية والاكتفاء بتحرير الجنوب اليمني، وقتها لم يكن ممكنا للحلفاء اليمنيين البوح علنا عن ذلك التصور في بداية الحرب.
ولكن بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب والممارسات التي ارتكبها ويرتكبها المجلس الانتقالي وقوات الحزام الأمني، وآخرها منذ أسبوعين عندما احتلت مقرات الشرعية في عدن، كمقر وزير الدفاع وقصر معاشيق الرئاسي من قبل قوات المجلس الانتقالي، مما اضطر الشرعية اليمنية أن تخرج عن صمتها لتصدر وزارة الخارجية اليمنية بيانا يدين المجلس الانتقالي ويتهمه بالانقلاب على الشرعية والاستيلاء على مؤسساتها بالمخالفة للهدف الرئيسي الذي دعي من أجله التحالف العربي.
رد المجلس الانتقالي جاء متناقضا مع سلوكه على الأرض، فهو من جهة يعلن بأنه مازال حليفا وثيقا للتحالف ضد الحوثي، ومن جهة أخرى يتناسى ان المسمى الرسمي للتحالف هو تحالف دعم «الشرعية اليمنية» التي يمثلها هادي، بمعنى أن الجميع يقاتل تحت هذا العنوان الوطني الجامع وبهدف تحرير كل الأراضي اليمنية.
إلا إذا كان هناك مفهوم مختلف لحرب التحرير لدى المجلس الانتقالي، إذا ما اعتبرنا أن ما يجري في اليمن هو حرب تحرير - فهل مفهوم حرب التحرير لديه - أن يحرر الجندي منزله ويترك منازل الآخرين - أو أن يحرر منطقته ويترك باقي الدولة باعتبار أن كل شخص أو مقاتل مسؤولا عن تحرير ما يخصه فقط وليس تحرير كل البلاد!
ختاما: هناك من تعمد منذ بداية الحرب إنشاء جهاز سياسي جنوبي يمثل سلطة وسيادة تتنافس السلطة الشرعية وتطعن في شرعيتها أمام المجتمعين اليمني والدولي، كما يمكننا تفسير لغز الانسحابات الحوثية المبكرة في الجنوب وتسليم المناطق إلى المجلس الانتقالي في بداية الحرب بأنها صفقة سياسية بين الجنوبيين الانفصاليين والحوثيين، وهي الأرض مقابل عدم المشاركة في حرب التحالف على الحوثي.
الخلاصة: حل الدولتين بانفصال اليمن الجنوبي سيجعل الحرب على الحوثي في الشمال اليمني غير مبررة وغير شرعية، وفي نظر كثيرين يعد الانفصال وقت الحرب خيانة عظمى للشرعية اليمنية والتحالف العربي.