مجلس سيادي مختلط بين العسكر الاقوياء والمدنيين الثوار، تنازل العسكر فيه - وتحت الضغوط الدولية - للشراكة مع المدنيين في فترة حكم انتقالي طويل نسبيا «ثلاث سنوات».
اوضاع سودانية جديدة تخلو من أي ضمانات مستقبلية إلا من واحدة وهي قوة الشعب او الشارع بالمصطلح المتداول.
هناك لأول مرة منذ سنوات طويلة حكومة سودانية مدنية تحاول رسم ملامح مستقبل السودان الجديد، وأولويتها الرئيسية هي كما صرح رئيسها «إنهاء الحرب وبناء سلام دائم للديموقراطية».
وأما اهم أولويات السودان الاقتصادية فمن وجهة نظره هي «معالجة النقص في السلع الأساسية - السكر والدقيق والنفط، الى جانب إنفاذ العملة السودانية» فقط لا غير
يدرك رئيس الوزراء السوداني حمدوك وهو الذي عمل بالسابق خبيرا اقتصاديا في الأمم المتحدة، انه لا يمكنه في المدى القصير «٣ سنوات» من عمل كل شيء، لذلك كانت أهداف حمدوك واقعية ولابد منها للانطلاق في عملية التنمية مستقبلا، فبدون سلام وديموقراطية وخبزة عيش لن يتحقق شيء.
وفي الشأن الدولي، سيركز حمدوك على رفع السودان من قائمة الإرهاب لتسهيل تعامل حكومته مع المجتمع الدولي والذي مطالب لأول مرة في أن يساعد السودانيين في أوضاعهم الاقتصادية الصعبة دون أجندة مخربة للسودان.
تصريحات حمدوك ليست كالتصريحات التي تعودنا عليها من السياسيين العرب عند توليهم للحكم، حيث كانوا دائما ما يرفعون من سقف أهدافهم ليدغدغوا بها مشاعر الجماهير وليكسبوا أطول وقت ممكن لهم بالسلطة لتعظيم مصالحهم الشخصية.
أتمنى من حكومة السودان الجديدة ألا تعول على العرب كثيرا، ولتنسج تحالفاتها الإقليمية مع الأفارقة الأكثر ديموقراطية من بعض الأنظمة العربية الحالية، ولتحرص في تحالفاتها العالمية على أن تكون مع الأوروبيين فهم اكثر حرصا على انتشار الديموقراطية من الأميركان الذين دائما ما يفكرون بمصالحهم الاستراتيجية ويرجحونها على مبادئهم الديموقراطية.
ختاما: مازال الكثيرون يطالبون بأن يبقى الشارع السوداني متحدا ويترك خلافاته على مقاعد في الحكومة او في البرلمان الذي لم يشكل بعد، فالتنافس السياسي بين الأحزاب والتجمعات هو ما افشل بعض الثورات العربية، خصوصا قبل إرساء مفاهيم الدولة الديموقراطية ومحاسبة رموز النظام القديم، وتحقيق العدالة الانتقالية ضد من أجرم بحق الشعب.
الخلاصة: نعلم ان السودان الآن، لا يملك شيئا من حطام الدنيا، فقد تم استنزافه اقتصاديا وسياسيا على مدى عقود من الزمان، ولكن هناك أشياء ثمينة مازالت بيد السودانيين كالنية الطيبة للشعب وواقعية حمدوك وحماية الشارع لثورته.