في أول خطبة جمعة له منذ 8 سنوات، يخطب المرشد الإيراني علي خامنئي باللغتين الفارسية والعربية، بعد احداث مهمة مرت بها طهران في الايام القليلة الماضية، ما أعطى لخطبته دلالات مهمة، خاصة بما حملته من رسائل عديدة لجهات مختلفة، ومن اهم الرسائل المحلية التي تضمنتها خطبة خامنئي هو التأكيد على وحدة الصف وتشجيعه الاقبال على الانتخابات البرلمانية في الشهر القادم، باعتبارها محددا للخيارات المستقبلية، بينما يترقب الشعب الإيراني القائمة النهائية للمرشحين بعد فرزها من مجلس صيانة الدستور وهل سيتم استبعاد المرشحين الاصلاحيين ام لا!
كما تطرق خامنئي الى العلاقات الايرانية ـ العراقية، واصفا قتال سليماني ورفاقه هناك بأنه حماية لأمن ايران، لأن هدف الولايات المتحدة النهائي من تجييش الجيوش هناك هو ايران.
وأما رسائل خامنئي الخارجية او ان صح التعبير رسائله النووية، فقد أكد المرشد الأعلى في خطبته على ان «ايران لا تعارض التفاوض مع اي احد إلا أميركا»، وهذا عمليا لا يعني عدم امكانية التفاوض مع أميركا ولو بشكل غير مباشر عن طريق اطراف أخرى، وربما رسالة خامنئي الأخيرة حول التفاوض هي من اهم ما تضمنته الخطبة، رغم عدم وضوحها.
من جانب الأوربيين فربما اهم تصريح في الأيام الماضية خرج على لسان وزير الخارجية الفرنسي، عندما قال «ان الحل الوحيد لأزمة إيران يتمثل في موافقة طهران على محادثات حول اتفاق جديد موسع وتخفيف العقوبات».
ختاما: ايران دائما ما تؤكد انها لن تتفاوض تحت العقوبات ولن تتفاوض مع أميركا، فهي بذلك لا ترفض التفاوض مبدئيا حول الاتفاق النووي ولكن تشترط رفع او تخفيف العقوبات وهذا ما تضمنه المقترح الفرنسي.
ومن جانبها، الولايات المتحدة لا ترفض التفاوض مع ايران وهدفها المعلن فقط تغيير الاتفاق النووي الحالي.
وربما افضل طريقة لحل الازمة هو التفاوض غير المباشر بين أميركا وإيران مع التعهد بتخفيف العقوبات قبل إقرار الاتفاق بشكله النهائي.
الخلاصة: اعتقد ان المعضلة الأساسية في الأزمة الأميركية ـ الإيرانية ليس النووي ولا الصواريخ الباليستية بل التدخلات الإيرانية في دول الجوار والمنطقة، أي النفوذ الإيراني الذي تكلف المليارات والتضحيات الإيرانية وفق وجهة نظرهم وهو ما أكده ايضا خامنئي بخطبته عندما تحدث عن حادثة اغتيال سليماني، ولذلك أتوقع ان يتأخر الاتفاق او التفاوض حوله حتى يتم حسم موضوع الوجود الإيراني والاميركي في المنطقة والعراق خصوصا، واستتباب الأمن في ايران والعراق لصالح النظام السياسي الحالي، او ان يحسم الشعب خياراته فيهما.