العالم جميعه يلوم الصين وتهاون حكومتها مع تحذيرات طبيب الأطفال الصيني «ي وين ليانغ» عن وجود مرضى مصابين بفيروس جديد لا يعرفه من قبل، والحقيقة ان الصين لم تتهاون ولكنها لم تتصور سرعة انتشار الفيروس بين السكان.
بينما نجد في الجهة المقابلة دول غربية متطورة سمعت بفيروس كورونا ووعت مخاطره وسرعة انتشاره، وقد تهاونت اشد تهاون حتى وصلت نسبة انتشاره بين دول الاتحاد الأوروبي الى 20 الف مصاب من 500 مليون تعداد سكانه، بينما في الصين 100 الف مصاب من 1.3 مليار تعداد السكان.
الحقيقة ان الحكومة الصينية لو لم تتعامل بسرعة وحزم لكانت الخسائر البشرية والمادية اكثر بكثير مما حصل.
الصين بعد تأكدها من طبيعة الفيروس ومخاطره، طبقت حصارا شديدا على بؤرة انتشار الفيروس وهي مقاطعة هوبي عاصمة ووهان وفرضت حذر تجول وحددت اوقاتا معينة للتسوق واجبرت السكان على ارتداء الكمام والقفازات بالقوة.
واستطاعت بذلك ان تحمي مدنها الاخرى من انتشار المرض، وسخرت بذلك كل قواها البشرية من الهيئات الطبية والأمنية في المدن الاخرى الى نجدة اقليم هوبي المنكوب.
خططت سريعا لإدارة الأزمة الصحية ذات الجوانب الأمنية والاقتصادية، وحولت طاقاتها الإنتاجية والصناعية لخدمة مكافحة المرض وإنتاج معدات الوقاية والكشف المبكر وإنشاء المستشفات المؤقتة.
النموذج الصيني لإدارة أزمة كورونا سيدرس كأنجح نموذج للتصدي للأوبئة، قرارات سريعة لمحاصرة المرض اقليميا وتطبيق لحظر التجوال، ولكن ماذا عن الدول الصغيرة كأغلب دول الخليج العربي، كيف تطبق النموذج الصيني على دولها وسكانها مع اختلاف المساحة ونوعية السكان؟
باعتقادي ان من الضروري تعطيل اغلب المؤسسات الحكومية والخاصة التي يمكن الاستغناء عن خدماتها في وقت الأزمات كمراكز التسوق والحدائق والمطاعم والأندية الصحية والرياضية، وبالتأكيد تعطيل المدارس ووقف الصلوات في المساجد.
كل ما سبق تم تفعيله في اغلب دولنا الخليجية الا حظر التجول، وهذا مهم جدا لأسباب عديدة منها طريقة حياتنا كمواطنين وكثرة تجمعاتنا في الدواوين والمجالس والزيارات العائلية، والمناسبات العامة التي يصر البعض على عدم إلغائها.
وكذلك عادات الوافدين لدينا من الجاليات العربية والآسيوية والتي استغلت تعطيل العمل في بعض الدول الخليجية وبدأت في التجمع بأعداد كبيرة في الاماكن العامة مما يسهل انتقال العدوي بينهم، ناهيك عن السكن الجماعي والاختلاط المكثف بينهم بحكم العادات والتقاليد ايضا.
ان حظر التجول وعزل المناطق والأحياء السكنية بعضها عن بعض هو اجراء احترازي مهم جدا وهو كالخطوة الصينية في عزل اقليم هوبي، لتسهل مراقبة انتشار المرض وتكثيف الجهود في المنطقة الأكثر عدوى، كما ستساعد المراكز الصحية الأولية في الأحياء على الكشف المبكر لأعراض المرض قبل إرسال من تظهر عليه إلى المستشفيات مما سيخفف الضغط عليها.
كما ان من الضروري إنشاء أماكن للعزل الصحي المؤقت في المناطق او المحافظات للحالات ذات الخطورة البسيطة لتترك المستشفيات العامة للحالات الخطرة فقط، مع الاستمرار بعمل فحوصات للمواطنين والوافدين ممن قدموا مؤخرا من السفر كما تحاول ان تفعل الكويت.
ختاما، النموذج الصيني في الحرب على كورونا انجح النماذج الى الآن، فقد قدمت الصين الامن على الاقتصاد وكسب الاثنين معا، بينما اوروبا والولايات المتحدة وحتى كتابة هذا المقال، تضع عينا على الاقتصاد وعينا على الامن الصحي وستصاب بالحول وتخسر الاثنين معا، ولنا في إيطاليا واسبانيا وغيرهما من دول الاتحاد الأوربي عبرة لمن يعتبر، وانه لا تقدم الاعتبارات الديبلوماسية او الاقتصادية او السياحية على أمن الانسان.
ندعو الله سبحانه وتعالى ان يحفظ المسلمين من كل مكروه.