استطاعت الحكومة أكثر من مرة أن تعبر بوزرائها المستجوبين الى النجاة من طرح الثقة وبأغلبية كبيرة نسبيا، فوفقا للتركيبة الحالية لمجلس الامة تستطيع الحكومة ان تفشل أي استجواب يوجه لأعضائها او رئيسها، بالرغم انه في الايام الاخيرة من عمر البرلمان جرت العادة ان يميل النواب المترددون الى الوقوف مع الاستجواب خوفا من محاسبة الناخبين لهم.
كنت متأكدا من ان سمو رئيس الحكومة الشيخ صباح الخالد لن يغامر ويصعد للمنصة ليواجه استجوابا في ملفات سبق وان عرضت في استجواب وزير المالية ووزير الداخلية، وهو مدرك جدا أن الاستجواب اداة تجريح سياسي حتى لو استطاع ان يكسب ثقة وتعاون البرلمان معه ومع حكومته.
هناك عوامل عديدة تجعلنا نحسن الظن برئيس الحكومة، منها ان حكومته جاءت متأخرة جدا ولم يكن يفصلها على الانتخابات البرلمانية إلا أشهر، وربما كانت أياما لولا كارثة «كورونا» التي عطلت الحياة، وبالتأكيد لم يكن ليغامر اغلب المرشحين للمناصب الوزارية في الدخول بحكومة قصيرة العمر قد تتعرض للضرب المبرح من البرلمان الذي سيستعرض عضلاته في الايام الاخيرة له، ما انعكس على نوعية وجودة أداء الكثير من الوزراء في الحكومة، لذلك فإن الرئيس الخالد «يجود من الموجود».
وللظرف الصحي الذي فرضه فيروس «كورونا» على دول العالم ومنها الكويت، نصيب في تأثيره على الاوضاع السياسية والاقتصادية، مما وضع الحكومة بين مطرقة التجار وسندان الشعب في القرارات التي تعنى بالاقتصاد.
وكانت امام الحكومة عدة خيارات قانونية وسياسية للتعامل مع الاستجواب المقدم لرئيسها من النائب عبدالكريم الكندري، ليس منها قط «قرار مكتب مجلس الامة» وليس مجلس الامة كما ينص الدستور واللائحة الداخلية تأجيل انعقاد البرلمان بسبب انتشار فيروس كورونا بين خمسة من نوابه، وبالتالي تأجيل جلسة استجواب رئيس الحكومة.
كان الخيار المنطقي والدستوري واللائحي ان تستقيل الحكومة بعد إقرار الميزانية الأسبوع الماضي لتصبح حكومة تصريف اعمال ويسقط استجواب الرئيس الخالد، وتتجنب الحكومة المواجهة، او ان تضطر الى رفع كتاب عدم تعاون كان سيستفز الشارع والقوى السياسية. وبإمكان المجلس الجديد استجواب رئيس الحكومة اذا استمرت القضايا التي أثيرت في ملف الاستجواب السابق للرئيس الخالد سواء كان هو الرئيس او غيره.
ختاما، رئيس الحكومة القادم يجب ان يراعي اختيار وزرائه بعناية فائقة ويضع خطة واضحة، وعليه ان يواجه البرلمان في أي استجواب قادم. فلا الأوضاع السياسية او الاقتصادية تسمح بارتكاب الأخطاء سواء بعلم او بجهل، كما ان الفساد أكل مقدرات البلد وهدد أمنه، فالكويت في أمس الحاجة لرجال مخلصين يملكون الشجاعة والمقدرة للمواجهة والانجاز.
الخلاصة: الحلول الدستورية كثيرة لمن أراد تجنب الإشكاليات واستمرار احترام الشعب له.