ماذا ينتج عن قيام أي جهة برفع شعار جذاب لا يتوافق ولا يستقيم مع الأداء المتواضع وغير المقنع لتلك الجهة؟ يعتقد قسم من الناس أن رفع الشعار مفيد جدا حتى وان لم يتحقق. ويبرر هؤلاء ذلك بأن مجرد رفع الشعار سيرسم صورة إيجابية في ذهن المتلقي عن تلك الجهة، وبذلك يتحقق لها السمعة الجيدة ولو لفترة قصيرة قبل أن تنكشف الحقيقة المرة. وعلى هذا الأساس فلا مانع لأي جهة أن تضع أقوى العبارات وأضخمها لكي تجذب الانتباه وتبني الصورة الذهنية المثلى التي تريد زرعها في أذهانهم وما عليك إلا التصميم والدفع والنشر. ويستشهد هؤلاء بما تؤكده الدراسات الطبية على وجود أثر وهمي علاجي لأدوية ليس لها أي مفعول طبي إلا أن يقين الشخص بفاعليتها قد عالج بعض المرضى.
من يؤمن بهذا الأمر في مجال صياغة الصورة الذهنية لأي جهة سيكون على شاكلة من يؤمن بأن بعثرة كمية كبيرة من الريش على ظهر الخروف ستجعل منه صقرا شرسا يسود السماء! فرفع الشعار هو بالأصل محاولة لتشكيل (أو إعادة تشكيل) للصورة الذهنية التي يتخيلها المتلقي لحفظها في ذاكرته عن تلك الجهة. فهي مجرد توقعات لا يتم تصديقها إلا بوجود الدليل المقنع على أن الأداء الجديد متطابق فعلا مع تلك الوعود.
وفي عالمنا المليء بادعاءات وشعارات زائفة وقليلا من الصادقة، أصبح المتلقي متشككا لا يصدق إلا عن تجربة وتعامل شخصي أو بناء على رأي موثوق به. ولا يكفي ذلك بل ربما ينتظر مدة طويلة من الزمن يرقب النتائج حتى يتأكد أنه ليس سلوكا مصطنعا مؤقتا يتزامن مع إطلاق الشعار، بل نهج جديد مستمر تؤكده التجربة تلو الأخرى.
وهذا ما يخلق الثقة المعززة بالدليل.
فكيف ينجح الشعار في إقناع الناس وجذبهم؟ لابد من توافر مجموعة من الشروط وأهمها وأبسطها أن مطلق الشعار قادر بالفعل على تنفيذه باستخدام موارده البشرية والمادية، والتي يجب أن تكون مهيئة للقيام بذلك.
فكيف لك أن تصدق شركة تقول لك خدمتك غايتنا وهي لا تلتزم بمواعيدها مع العملاء لضعف خبرة عمالتها أو صغر حجم أسطولها؟ وكيف لك أن تقتنع بأن البلد سيكون جديدا ومقبلا على تطور في الوقت الذي تتعثر فيه مشاريعه التنموية التي من المفترض أن تخلق فرصا بخلاف النفط؟ وكيف تقتنع أن القادم أفضل دون أن يكون لديك تصور واضح لمستقبلك في ظل ميزانية تقترب من 20 مليار دينار وسعر نفط لا يكاد يغطي الباب الأول محققا بذلك عجزا كبيرا وانكماشا اقتصاديا وصل إلى سالب 8.1% لعام 2020 للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي؟ سيكون أحد أهم أولويات الحكومة في الفترة المقبلة هو إدارة السيولة الحكومية تحت الضغط الاقتصادي العالمي لجائحة كورونا وتنشيط الاقتصاد المحلي والذي تعرض لهزات عنيفة غير متوقع لها أن تنتهي في الأمد القريب.
[email protected]