في المقال السابق، تم التركيز على أهمية فهم خارطة الناخبين لفهم توجهاتهم قبل التصويت، وفهم نتائج الانتخابات بعد التصويت.
وتبين أن أكثر المجموعات نموا هي مجموعة الناخبين الساعين لتحقيق المنفعة الشخصية، والتي لا ترتبط طموحاتهم في المجلس الجديد بأي قضية عامة، وإن كانوا من المتباكين والمتأففين من سوء الأحوال وضعف أداء المجلس متناسين أنهم كانوا سببا في انتخاب بعض أعضائه في دوائرهم.
وتعتبر هذه المجموعة أبرز مجموعة انتخابية آخذة في النمو، حيث زاد أعضاؤها بسبب اختلال العدالة في تقديم المنح أو تطبيق العقوبات، وخاصة في المناطق التي تزداد فيها الكثافة السكانية وتقل متوسطات الدخل عن باقي المناطق.
أما المجموعة الثانية فهي تلك التي تركز في اختيارها للمرشح على توجهاته نحو قضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية مهمة يسعى من خلال صوته أن يحلها أو يخفف أضرارها.
هذه المجموعة لديها آراء تتشكل وفق اطلاعهم على المعلومات والبيانات والتحليلات وتنجذب نحو من يمكن له أو لها أن تتبنى تلك القضايا وتجتهد في إيجاد الحل.
وكما هي الحال في أي انتخابات، يمكن اختطاف التصويت لهذه المجموعة والتأثير عليها سلبا بدس ونشر المعلومات المغلوطة والمشوهة في وسائل الاتصال الشخصي أو الاجتماعي، إما بالتشكيك في نزاهة ذلك المرشح أو تلك المرشحة، أو تحريف حقيقة دوافع تبني القضايا التي تهم الناخبين على أنها «خدعة» هو مجرد كسب الصوت بدلا من السعي جديا في مرحلة ما بعد الانتخابات لحل تلك القضايا، أو بث اليأس في نفوس الناخبين تجاه قدرة تلك المرشحة أو ذلك المرشح على إحداث تغيير في ظل مجلس لا يمكن تشكيل كتل كبيرة تمثل هذا التوجه.
وتبقى الخطورة في أن تصحيح المعلومات المغلوطة بعد الانتخابات لا ينتج عنه شيء لكون التصويت قد انتهى، ولو على أساس خاطئ من معلومات لا يعرف مصدرها، لذلك تشتد حملات الإساءة والرمي بالطين في الأيام الأخيرة لما قبل الانتخابات.
وكيف يمكن للمعلومات المغلوطة أن تؤثر على الناخب وهو لا يستطيع التحقق من صحة المعلومات؟ تستشهد بعض دراسات الإدراك الإنساني لما يدور حوله في أنه يميل لتصديق الأخبار التي تتناسب مع توجهاته وفكره ومعتقداته وانطباعاته العامة، وذلك لكونها تساند تلك التوجهات النفسية والعقلية بما يقلل من التناقض العقلي بين الواقع وما يحمله من فكر.
وفي مقابل ذلك يقابل الأخبار الصادرة عن جهات لا يتفق معها بانغلاق عقلي إرادي أو لا إرادي، حتى وإن كانت دلائلها وحججها أرجح وأكثر وجاهة من غيرها.
ويبرهن على ذلك ما يحدث حاليا في الصراع الانتخابي للولايات المتحدة، حيث لا يزال الرئيس الحالي مصرّا على اتهام الرئيس المنتخب بتزوير الانتخابات، ودخلت وسائل إعلام اليمين المتشدد والمؤيد للجمهوريين في بعض البرامج التي تبثها شبكة فوكس نيوز لمساندة رأي الرئيس الحالي، والتي استقطبت 14.1 مليون مشاهد عشية الانتخابات في مقابل المحطات الإخبارية اليسارية الديموقراطية مثل السي ان ان (9.4 ملايين) ومحطات سي بي اس (7.6 ملايين) والإيه بي سي (6.3 ملايين) وغيرها لتساند الرئيس المنتخب حسب إحصائيات متابعة A.C. Neilsen.
والمتابعين للمحطات ذات التعاطف الجمهوري أوالديموقراطي مرتبط بأفكار هؤلاء المتابعين، ويتأثرون ويرددون ذات التحليلات السياسية المدعمة بأنواع الحجج والمعلومات التي يتم تطويعها لخدمة توجه كل قناة.
ويبقى أن نشاهد، وربما ينبغي للباحثين أن يسجلوا، ما سيحدث في الانتخابات الكويتية القادمة من توظيف للمعلومات للتأثير على الناخبين المعتمدين على القضايا العامة للولوج إلى المنصب البرلماني.
والى أي مدى التحقق من المعلومات (fact Checking) سيكون له أي دور في حماية أولئك المرشحين من المعلومات المغلوطة.
[email protected]