لا يعرف قيمة الماء إلا من يحتاجه، ونظرة إلى الدول التي يصيبها القحط والتصحر ويشح فيها المطر عن السقوط تعطينا فكرة عن قيمة الماء.
ولعظمة الماء جعله الله آية من آياته المهمة في هذا الكون، وذكره الله عز وجل في كثير من آياته، وأوضح قيمته العظمية في قوله تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي) فهو يحيي به الأرض بعد موتها ولا غنى للإنسان أو أي كائن حي من نبات وحيوان وطير عن الماء.
وإذا كانت الحروب خلال العقود الماضية تنشب للسيطرة على منابع النفط والثروة والمواقع الإستراتيجية، فإنه من المتوقع أن تنشب في المرحلة القادمة (لا سمح الله) على مصادر المياه، ولا ننسى قول الرئيس المصري الراحل أنور السادات أنه كان على استعداد لأن يحارب إلى آخر جندي مصري وفي آخر الدنيا إذا تعرض النيل للخطر أو لسيطرة دولة ما، فالماء نعمة كبرى وآن الأوان لنفتح ملفه فإذا كان استهلاكنا من الماء قد بلغ هذا الحد الخطير وأصبح استهلاك الفرد علينا أعلى استهلاك في العام فلابد من وقفة متأنية في سبيل ترشيد الاستهلاك في الكويت من المياه.
فالماء هو عصب الحياة وهو من التحديات التي تواجهها الكويت مع الزيادة السكانية والعمرانية واستهلاك الفرد في الكويت يقدر بنحو 550 ليترا يوميا وهو يفوق ضعف المعدل الذي وضعته الأمم المتحدة والمقدر بـ 220 ليترا للفرد وأن أزمة المياه هي أزمة عالمية بالرغم من أن المسطحات المائية تغطي 70% من سطح الأرض وان المياه العذبة تمثل 3% فقط، فلقد حبانا الله البترول وهو ثروة كبيرة، ولكن الماء أهم لأنه عصب الحياة الأهم، فمن لا يملك الماء لا يملك القرار، وإن كنا نملك المال اليوم فسيأتي يوم لن يكون الماء فيه سلعة قابلة للبيع ولن تجد من يبيعه لنا.
نحن أمام مشكلة كبرى وهي توفير حاجاتنا من المياه وترشيد استهلاكنا، وليس أمامنا إلا أمران الأول محاربة مظاهر الإسراف في المياه وتغريم أصحاب البنايات والمنازل التي يستخدمها الحراس والخدم في غسل السيارات ونواحي التبذير في المياه كثيرة، فالمساجد والحدائق لا رقيب ولا حسيب على استهلاكها للماء ومحطات غسيل السيارات وصنابير المياه المعطلة التي تهدر الماء المتساقطة منها التي تهدر المياه على الأرض، ولابد من حملة إعلامية في التلفاز والصحف والمجلات والمساجد لترشيد استهلاكنا من المياه وتوعية الناس بتكلفة المياه التي تتحملها الدولة ومحاسبة المستهلكين على استهلاكهم، والتأكيد على أن كل قطرة ماء لها ثمن فلا نملك نهرا ولا بحيرات، ولكننا نحصل على الماء بعد رحلة مضنية متعبة من التبخير والتقطير، وهنا نذكر أننا لدينا في الكويت محطات تحلية قديمة لابد من الدولة أن تنشئ محطات تحلية جديدة.
ونتذكر قول رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: «لا تسرفوا في الماء فقال أحد الصحابة أو في الماء إسراف يا رسول الله قال بلى حتى وان كنتم على شاطئ نهر»، فالإسلام وجميع الأديان علموا قيمة الماء وحرصوا عليه وذادوا عنه بكل ما يملكون، لأننا أبناء بيئة صحراوية الماء فيها يعني الكثير بالنسبة لنا.
وقال تعالى: (وكلــوا واشربــوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين).
اللهم احفظ بلدي الكويت وأميرها وشعبها ومن عليها من المخلصين وأن يعجل الله في انقشاع هذا الوباء عن جميع دول العالم، إنه هو السميع العليم.
[email protected]