تبدلت الحياة في الكويت وصار قضاء مصالحك أو الذهاب إلى عملك عملية متعبة وشاقة تستنزف الوقت وتحرق الأعصاب، وأصبح وصولك في الموعد إلى عملك أو إيصال أبنائك إلى مدارسهم في موعدهم ضربا من المستحيل في ظل شوارع تتكدس فيها السيارات إلى ازدحام خانق لا تعرف له أول من آخر، شوارع مكسرة تالفة، وأتحدى أي شخص أن يجرب قطع أي مسافة سواء إلى بيته أو عمله أو مدارس أبنائه في وقت مناسب، فأزمة المرور تتضاعف وعدد السيارات يتزايد بسرعة رهيبة، وشوارعنا كما هي منذ زمن طويل، وبالتالي يصل المواطن مجهدا فيثور لأتفه الأسباب، وعندما يرى مراجعا يتحول إلى إنسان آخر ويسجل ويغلق أمامه سبل إنجاز معاملته ويكتفي بالإسراع في صرف المراجع بحجج واهية وكلها بسبب رحلة العذاب التي عاشها وعايشها من بيته إلى مقر عمله.
وهذا يعني أن أزمة المرور لها تأثيرات ضارة متعددة فهي تبدل الطباع وتؤخر الإنجاز وتعطل مسيرة العمل والبناء، ومخطئ من يظن أن شبكة المرور هي تكدس سيارات في الشوارع وازدحام فقط، إنها نظام حياة قاس نعانيه كل ساعة وكل يوم ينعكس على سلوكيات المرء ويجعله ساخطا متذمرا لا يستطيع أن يحقق إنجازا في ظل هذه الأزمة، ليتحول الجميع لأدوات للهدم.
لقد أجمع علماء النفس على أن الحالة النفسية للإنسان تنعكس على أعماله وأقواله وقدراته على العمل والإنجاز فلا تتوقعوا إنجازا في ظل ما يكابده المواطن والمقيم مع أزمة المرور.!
إذن ما هو الحل؟! هل نظل أسرى لهذه الأزمة أم نبحث عن حلول جادة لها أعجزت إمكانيات الدولة عن أن تحل مشكلة المرور في الكويت؟! فلننشئ عاصمة جديدة للكويت ونعمر الصحراء وننقل إليها أكثر المصالح الحكومية بدلا من تكدسها في العاصمة ولنمنع إصدار رخص القيادة لمن يشكلون عبئا كبيرا على شوارعنا، ولا ننسى سائقي التاكسي الجوال الذين ملأوا شوارعنا ولا يعيرون أي اهتمام لأي إنسان بالشارع، ولنبدأ فورا بإنشاء مترو الإنفاق، فلسنا أقل ممن يملكون هذه الوسيلة.
إذا أردت علامة وشاهدا على الفوضى والتخبط وعدم التخطيط والارتجال، فأنزل إلى شوارع الكويت لترى بنفسك مدى فداحة التخبط الذي نعيشه ومدى اللامبالاة بمشاكل الكويت وازدحامها حتى غصت بساكنيها وانتشرت بها الأمراض من تلوث الهواء بفعل عادم السيارات الخانق لكل الأحياء، لم نعد نتحمل، حتى أسفلت الشوارع صار يئن مما يحمله من السيارات.
تعاطوا مع مشكلة المرور بما تستحق من اهتمام، فقد طفح الكيل، وأود أن أشكر جميع رجال المرور على تحملهم الكبير لهذا الاختناق المروري الدائم وأدعو لهم بالتوفيق.
اللهم احفظ بلدي الكويت وأميرها وشعبها ومن عليها من المخلصين من كل مكروه، اللهم آمين.
[email protected]