اي إنسان مسلم مخلص يشعر بمحن أمته وتنغص عليه هذه المحن حياته، يعيش اكتئابا ما بعده اكتئاب، فها هي أمتنا تعيش عصرا من التخاذل والتراجع والانكفاء إلى الداخل والمهانة مع العدو في عصر لم تشهده من قبل حتى في عصور الظلام، وهذا الضعف الأبدي الذي تعيشه امتنا جعل أعداءنا يجرؤون عليها وينهشون من لحمها ويدنسون مقدساتها ويقضون على ارضها وتراثها، فأمتنا شغلت بكل ما يبعدها عن واجبها الأساسي وهو حماية مقدساتها والذود عن ديننا واحترام رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، آه يا أمتي إلى أين تسيرين؟! ما الذي فعله بك هؤلاء الأفاكون؟ لقد أصابوك بسهامهم فلم يعد فيك مكان لجرح جديد فنزيفك مستمر وضعفك جعل الذئاب تمزق جسدك الواهن وتلعق دماءك، واحسرتاه يا أمتي ها هو مسرى نبيك صلى الله عليه وسلم يدنس يدخله المتطرفون اليهود بأحذيتهم يصدون المسلمين عن الصلاة، ولا تزال الحفريات حول الأقصى تنذر بسقوطه، وها نحن نمد لليهود حبال الوصال ونعلق حياتنا ومستقبلنا على رضاهم ومشورتهم ونطلب منهم السلام، ولا يجوز أن نقول نطلب السلام وإنما الاستسلام لأننا ضعفاء وهم الأقوى، نصدر البيانات تلو البيانات من شجب واستنكار وإدانة، فأسلحتنا صدئة كعقولنا، إرادتنا هزمت في داخلنا لم نستطع ان نجتمع على رأي حتى لو كان إغلاق شباك، هذا يريد إغلاقه وهذا يريد هدم البيت على من فيه، نرى الشعب القوي يواجه الدبابات بصدورهم العارية والأطفال يرمون بحجارتهم على جنود الاحتلال فتصيبهم وتصيب كل جبان آثر دنياه على اخرته مكتفيا بعبارات الشجب والاستنكار والإدانة (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وان الحرب بيننا وبين اليهود حرب عقيدة قبل كل شيء، فالعقيدة لا تحارب إلا بالعقيدة، والصهيونية عقيدة دينية مغلفة بغلاف سياسي فاليهود متمسكون بعقيدة ولن يكون لنا شأن ولن نكون لهم بالمرصاد إلا إذا تمسكنا بعقيدة لا اله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، قال تعالى (ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم)، فإسرائيل ليست بالدولة التي تعبث أو تلعب فلن تكتفي بفلسطين ولا الجولان ولكنها وضعت على باب الكنيست الإسرائيلي شعارا تقول فيه أقيموا دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل فلا يجوز الصلح مع إسرائيل قتلة الأنبياء لأننا ضعفاء فالأرض هي ارض فلسطينية مباركة وهي ارض الوحي ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم واقع ممزق هو واقعنا تسوده الفوضى والأحقاد وجمع الأموال، فلقد سرى الضعف والهوان على جميع النواحي في مجتمعاتنا سواء في المناصب السياسية أو الاجتماعية وهذا للأسف الشديد يحتم علينا جميعا ان نختار الحل السلمي ونجلس للتفاوض مع اليهود لأننا لا قبل لنا في أي شيء، فرحم الله المعتصم الذي جمع جيوشه نصرة لامرأة مسلمة استنجدت به فجمع رجاله واهتزت أركان الدولة الإسلامية لصرخة هذه المسلمة ولبى المعتصم نداءها ونصرها وأخذ لها حقها. وجلس صلاح الدين ذات مرة مع أركان حربه فحدثت بينهم نادرة طريفة فضحكوا ولم يضحك ولم يبتسم صلاح الدين فقالوا له لم لا تضحك كما نضحك؟! فقال لهم إنني استحيي من الله ان يراني مبتسما والمسجد الأقصى بأيدي الصليبيين، حتى الابتسامة حرمها على نفسه، فإسرائيل الآن لا تعرف إلا لغة واحدة لغة القوة وليهتف كل مسلم مخلص كما قال الشاعر:
سأحمل روحي على راحتي
وألقي بها في مهاوي الردى
فإما حياة تسر الصديق
وإما ممات يغيظ العـدا
إن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يرسل لهذه الأمة من ينقذها من سباتها العميق ويبعث فيها حياتها، ونرى راية الإسلام خفاقة عالية على المسجد الأقصى. اللهم آمين.
[email protected]