نعم الموت حق (كل نفس ذائقة الموت) فجع العالم اجمع برحيل السلطان قابوس بن سعيد الذي حكم عمان نحو ٥٠ عاما، كان قائدا ملهما يحظى الثقة الكبيرة في علاقاته المتوازنة مع جميع دول العالم.
ولد قابوس 18 نوفمبر 1940 في صلالة، وتابع دراسته فيها إلى أن التحق بأكاديمية ساندهيرست في بريطانيا وتخرج بعد عامين برتبة ملازم، وقد تولى (رحمه الله) الحكم في 23 يوليو سنة 1970 وأصبح الحاكم الثامن في سلالة آل سعيد، وأقام الحضارة والإصلاحات في عمان في جميع الميادين واتخذ في حياته وفي حكمه بالحياد في جميع القضايا الدولية والإقليمية وهو أحد مؤسسي مجلس التعاون وحصل على العديد من الأوسمة العربية والدولية.
إن وفاة السلطان قابوس مصاب كبير وجلل، وفقدك محبوك وذرفت الدموع حزنا وألما عليك والكل يعلم أن الفراق صعب على أي إنسان غال فما بالكم بالقائد المخضرم الذي حظي باحترام جميع قادة الدول.
فيا شعب عمان الغالي لابد لكم أن تتكاتفوا وتتراصوا كالبنيان وتكملوا ما بناه السلطان قابوس، رحمه الله تعالى، وتواصلوا مسيرة بناء وطنكم الغالي عمان، فقد بنى المغفور له بإذن الله السلطان قابوس دولة عصرية يشهد له العالم أجمع.
ونحن في الكويت قلوبنا مليئة بالحزن والأسى لفقد قائد فذ أحب وطنه وأخلص له، ولا ننسى موقفه، رحمه الله، ودور السلطنة جميعا في وقوفها الشجاع ورفضها للعدوان الغاشم لعزو العراق للكويت، وهذه المواقف سيتذكرها كل كويتي وتكون ماثلة في ذاكرته على مر التاريخ، والسلطان قابوس، رحمه الله تعالى، كثير الأفعال قليل الكلام، كان متواضعا جدا وليس بينه وبين شعبه أي حاجز من صغيرهم إلى كبيرهم، فقد رفع مستوى شعبه ونفذ لهم المشاريع الكثيرة ونما اقتصاد بلده فأنشأ المدارس والجامعات والدراسات العليا وكان يتجول في أنحاء السلطنة ويتشاور مع مواطنيها دون أي حاجز.
ومن البروتوكول الذي اتبعه السلطان قابوس (رحمه الله) أنه لم يكن يستقبل بالمطار أي مسؤول أو رئيس دولة، إلا في نهاية الثمانينيات قام باستقبال رئيس الهند شنكار شارما في المطار، ليس هذا فحسب، بل وقام، رحمه الله، بالصعود إلى الطائرة وحضن الرئيس الهندي وهو في كرسي الطائرة ونزلا معا على سلمها ماسكين يدهما معا، وعندما وصلا إلى السيارة شاور السلطان الراحل بيده للسائق حتى يبتعد وقام بفتح الباب بنفسه للرئيس الهندي وتولى القيادة في الاتجاه إلى مقر الإقامة، وهذا الموقف أدى إلى استغراب ودهشة المسؤولين والإعلام وجميع شعب عمان، لكن عندما سئل السلطان قابوس عن هذا الموقف، قال كان معلمي حينما كنت أدرس في الهند، وتعلمت منه الكثير وطبقته في حكمي.
لا نملك الآن إلا أن نتضرع للمولى العزيز القدير أن يتغمد السلطان قابوس بواسع رحمته وغفرانه وأن يوسع له في قبره ويجعله روضة من رياض الجنة ويحشرنا الله معه في جنة الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وهنا نتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «لو أن أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك».
لله ما أعطى ولله ما أخذ، قال تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي).
وقال الشاعر:
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته
يوما على آلة حدباء محمول
[email protected]