عدنان الشمري
يبدو أن النظرية التي يروج لها الكثير من المهتمين بالشؤون الدولية والسياسية، والتي تفيد بأن لكل رئيس جديد للولايات المتحدة الأميركية حربا خارجية يديرها مباشرة عن طريق الجيش الأميركي أو عن طريق الحلفاء هي نظرية صحيحة. فقد بات كل رئيس يصل إلى البيت الأبيض يثبت صحة هذا الحديث، خصوصا بعد الحرب التاريخية التي روج لها الرئيس السابق جورج بوش والتي أراد لها أن تشمل مناطق واسعة في العالم لولا المستنقع العراقي. فبعد وصول باراك أوباما إلى سدة الحكم مع ما رافق هذا الوصول من تفاؤل مبالغ فيه، يتساءل الكثيرون عن حرب أوباما المنتظرة وأين ستكون؟
أتصور أن باراك أوباما قد أفصح عن حربه بصورة واضحة أثناء حملته الانتخابية، وذلك عندما ركز كثيرا على المحور الأفغاني. أوباما حاول كثيرا تهيئة الرأي العام الأميركي والعالمي لهذه الحرب، فبدأ المشوار بالترويج للانسحاب من العراق وأن هذا الأمر بات مطلبا ملحا للولايات المتحدة، خصوصا مع الإخفاقات التي كان يعانيها الجيش الأميركي هناك، مع ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية ضد الجنود الأميركيين وازدياد القتلى بين صفوف الجيش.
وبعد أن وصل للبيت الأبيض بدأ بمغازلة إيران ومحاولة تهدئة هذه الجبهة، خصوصا في خطابه للشعب الإيراني أثناء عيد النيروز والذي لم يلق صدى واسعا لدى النخب السياسية الإيرانية، مع أنني أعتقد أن إيران قد أضاعت فرصة ثمينة. وفي أثناء هذا وذاك، كان الرئيس أوباما يعد العدة لبدء الحرب المنتظرة، والتي يعتقد الكثيرون أن مسرحها سيكون على الأراضي الأفغانية والباكستانية وتحديدا ضد طالبان، وقد مهد لهذه الحرب بدعوته الصريحة لزيادة القوات الأميركية هناك إلى أعداد كبيرة. هذا الحديث جاء متزامنا مع ظهور عدة تقارير عسكرية مؤيدة والتي عللتها بعدة أسباب.
من هذه الأسباب والتي يرى الكثير أنها دافعا للحرب المقبلة، توسع رقعة الأراضي التي باتت تحت يد طالبان أفغانستان وازدياد العمليات العسكرية ضد القوات الحكومية والجيش الأميركي هناك. السبب الآخر وبالتوازي هو ازدياد بروز وظهور طالبان باكستان في الأشهر الأخيرة وتحالفها مع بعض زعماء القبائل هناك، مع الضعف الواضح للحكومة المدنية في باكستان وكثرة النزاعات السياسية والعرقية، والتي باتت تشكل عاملا مقلقا لواشنطن مع تزايد الهجمات المسلحة ضد قوات الجيش والشرطة الباكستانية. هناك عامل مهم وأساسي يدعو واشنطن لبدء الحرب في باكستان، وهو وجود ترسانة من الأسلحة النووية لدى باكستان، وهو ما يدعو واشنطن الى أن تتدخل لحماية هذه الترسانة من أن تقع في يد القوات المتشددة في باكستان.
ولذلك يرى من يعتقد في هذه الحرب المقبلة أن السيناريو بات أشد وضوحا بعد الدعوة لسحب القوات الأميركية من العراق وزيادتها في أفغانستان، مع غزل وتهدئة واضحة للجبهة الإيرانية، ولا ننسى الضغط المتزايد على زعماء الشرق الأوسط وإسرائيل من أجل صنع سلام زائف، كل ذلك ما هو إلا تمهيد لبداية تدخل أميركي قادم في باكستان وهي الحرب المنتظرة للرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما.