بعد أن وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، وبعد أن أصبح التشنج هو سمة الحوار وعلامة اللقاء ومادة الحديث، وبعد أن وصل التنابز والتلاسن إلى مراحل خطيرة بين الكثير من السياسيين، أصبح لزاما على الجميع أن يراجع نفسه ويحاسبها قبل أن تسوء الأمور.
وأن يكون الصوت العالي والصراخ هو لغة الحوار بين أعضاء مجلس الأمة والحكومة، فهذا أمر غير مريح، وأن يتم ضرب ونخر الوحدة الوطنية بين أفراد المجتمع، فهو أمر غير مقبول، وأن يتم استخدام الدين وسيلة لتحقيق أهداف غير معروفة، فهذا أمر خطير، وأن يتم استخدام الشارع من أجل فرض أجندات وأفكار وآراء يمكن مناقشتها مع الآخر في أماكنها المفترضة، فهو أمر ينم عن خلل ما، وأن يصل المواطن إلى مــــرحلة لا يعرف فيها هل الديموقراطية وأجواء الحرية ـ التي يحـــسدنا عليها الكثيرون ـ هي نعمة أم نقمة، فتلك هي الخــــطورة التي يجب الوقوف عندها والبحث عن مسببات الأوضاع، والتنقيب عن حلول جذرية للخروج من هذا النفق.
وعندما يقوم صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد بمخاطبة الشعب الكويتي ومجلس الأمة والحكومة عدة مرات خلال فترات زمنية متقاربة، فهذا له دلالة على أن سموه يستشعر الخطر وهو ما عبر عنه مرارا.
وأن يحاول سموه تحذير الجميع من مغبة الإساءة إلى مكتسبات تاريخية ارتضاها الجميع، فهذا لابد أن يجعل الجميع يلتفت وينتبه ويحاول سلوك جادة الهدوء والروية والحكمة.
وأن يستخدم سموه عبارات ومفردات تنم عن ألمه وعن قلقه، فهذا يعني أن صاحب السمو الامير يحتاج من الجميع أن يلتفت إلى أهمية الأمر وأن يتعامل مع الوضع بمسؤولية كاملة، فالنطق السامي لصاحب السمو الامير، يحتاج من كل من له شأن في الساحة السياسية أن يعي ما ورد في هذا الخطاب، وأن يعمل الجميع على تنفيذ رغبات وأوامر صاحب السمو كل من مركزه، خصوصا ما ركز عليه سموه فيما يتعلق بالوحدة الوطنية.
ولابد من الجميع أن يراجع ويحاسب نفسه من أجل معرفة مواطن الخلل والعمل على إيجاد الحلول لكل هذه المشاكل.
وأن تتعطل التنمية في بلد عرف التنمية والاقتصاد والعمران في ظروف اقتصادية صعــــبة، فالأمر يحتاج إلى مراجعة ومحاسبة من الجميع.
وعندما يعرف من يتحمل شأن الرياضة يعرف كيفية الخروج من أزمة رياضية باتت محل تهكم وسخرية الكثيرين منا، فالأمر يحتاج إلى مراجعة ومحاسبة.
وعندما لا يجيد أعضاء مجلس الأمة سوى استخدام أداة الاستجواب دون غيرها من أدوات الرقابة، فالأمر يحتاج إلى مراجعة ومحاسبة.
وأن تعجز الحكومة ومجلس الأمة في إيجاد حل إنساني وقانوني لقضية غير محددي الجنسية، فالأمر يحتاج إلى مراجعة ومحاسبة.
وأن تتم دغدغة مشاعر الناس في مسألة القروض دون إيجاد صيغة مقبولة للجميع، فالأمر يحتاج إلى مراجعة ومحاسبة.
وأن يتم استخدام وسائل الإعلام ومنابر الحرية ساحة للمهاترات وطريقا لضرب الوحدة الوطنية، فالأمر يحتاج إلى مراجعة ومحاسبة.
المراجعة والمحاسبة ليست أمرا معيبا، وإنما المعيب هو المضي في هذا الطريق المظلم الذي لا يدري حتى من سلكه إلى أين يتجه أو إلى أين يؤدي؟!
[email protected]