مناسبتان وطنيتان مهمتان مرتا على الكويت في الأيام الماضية، فعيد الكويت الوطني وذكرى التحرير من الغزو الصدامي يعتبران من أهم الأيام في تاريخ الكويت، لذا كان لابد أن يكون شكل الاحتفال متناسبا مع مكانة وأهمية هذه الأعياد على الكويت وأهلها، فما الذي جعل ثقافة الاحتفال بهذه المناسبات منحصرة بالمسيرات وبعلب «الفوم» ورشها على المارة والسيارات، من المتسبب في أن تصبح مظاهر الاحتفال بهذه الأعياد الوطنية منحصرة بالمسيرات وإغلاق الطرق وإشغالها بشكل أدى إلى وقوع العديد من الحوادث، مما نتج عنه وفاة وإصابة العشرات وإتلاف للممتلكات، ولا ننسى تكليف ميزانية الدولة أعباء أخرى بتنظيف الشوارع وبقايا علب الفوم، وإشغال رجال الداخلية والمرور بصيد ورصد حاملي علب الفوم وحجز المركبات، فمن الذي يقع عليه عبء انتشار هذه الثقافة؟ وعلى من تقع مسؤولية تلك الوفيات والإصابات؟ وهل هناك من يسعى إلى معالجة وتغيير هذه الثقافة الهجينة والدخيلة على مجتمعنا؟
إن الملام في المقام الأول، هو وزارة الإعلام والمجلس الوطني للثقافة والآداب وغيرها من الجهات الحكومية المسؤولة عن الاحتفال بمثل هذه المناسبات، فعدم وجود برامج ثقافية وأنشطة ومهرجانات احتفالية، تستطيع جذب أنظار الشباب وتجعل من مظاهر الاحتفال ملائما لمكانة هذه المناسبات، هو ما أدى إلى أن يختلق شباب الكويت ظاهرة المسيرات ورش الفوم، وعدم وجود برنامج شبابي ورياضي مدروس وموجه لهذه الفئات العمرية من قبل الهيئة العامة للشباب والرياضة، تحول أنظارهم عن المسيرات وثقافة الفوم، هو ما أدى إلى تكريس تلك الممارسات لدى الشباب مما جعلهم يحصرون كيفية الاحتفال بهذه الطريقة فقط، كما أن عدم وجود مسارح وبرامج ثقافية تبين كيفية الاحتفال بهذه المناسبتين، هو ما أدى إلى انتشار واستحكام هذه الثقافة لدى هذه الأجيال، ولا ننسى أيضا عدم وجود دور لوزارة التربية والتعليم وانعدام ثقافة الإبداع لدى المسؤولين عن هذا القطاع، بحيث يتم إيجاد أفكار ووسائل حديثة تناسب مع التفكير السريع والحديث لهذه الأجيال، هو ما دفع بهؤلاء المراهقين والأطفال للجوء إلى الشوارع وتعريض حياتهم وحياة الآخرين إلى الأخطار.
جهات عديدة أخرى أيضا يمكن تحميلها المسؤولية بالسماح لمثل هذه المسيرات، فلم تقم وزارة الداخلية والمرور بالسماح لمثل هذه المسيرات؟ ولم لا يتم منع وتفتيش السيارات التي تأتي إلى أماكن المسيرات ومنع علب الفوم بأن تدخل هناك؟ وأين دور وزارة التجارة والصناعة؟ ولم سمحت باستيراد علب الفوم وبتصنيعها محليا كما يقال؟ تساؤلات عديدة تحتاج من يجيب عنها، والكل ينتظر من الحكومة أن تقوم بدور مختلف في المرات القادمة حتى يتم تلافي تلك الحوادث الأليمة.
[email protected]