تعتبر قضية تاريخ السحر والساحرات والكائنات الأسطورية والخيالية مصدر تشويق وإلهام للكثيرين.
فإسبانيا المتنوعة الثقافات والعميقة التاريخ والتي تشتهر بتاريخ السحر والساحرات لم تقتصر على الكهان والمتنبئين والسحرة فحسب بل ان الملك الفونسو العاشر والملقب بالحكيم، مؤسس أول جامعة إسبانية «جامعة سالمنكا» ذات الـ ٨٠٠ عام، وصاحب الحركة الترجمية التاريخية وترجمة الكتب والعلوم من العربية والعبرية واللاتينية الى اللغة الإسبانية، كان من ممارسي الطقوس السحرية وأنواع السحر وعلم الطالع والتنبؤات، ولم يحرم السحر إلا في حالات خاصة مثل الضرر بالغير والكفر واستخدام الطلاسم والتعاويذ للتحكم بأحد ما! بالرغم من ان الديانة المسيحية تحرم هذا العمل وتستنكره إلا ان إسبانيا في تلك الأثناء لم تعر أهمية كبيرة لحملة مطاردة الساحرات كأوروبا.
ولكن تحديدا بالعصور الوسطى في عهد الملكة إيزابيل وفرناندو الملوك الكاثوليك، بدأت حملات محاكم التفتيش الإسبانية تنتعش وتلاحق المهرطقين وأعداء الدين والساحرات.
فكانت منطقة ثوغاراموردي في إقليم نافارا الإسبانية والقريبة جدا من الحدود الفرنسية، والتي تشتهر بكهف ساحرات ثوغاراموردي وطقوسهم المرعبة من تجمعات وممارسات ومعاهدات شيطانية، النصيب الأكبر من بحثي حيث قيل لي ان هناك طقوسا خاصة لنبش القبور واستخراج الجماجم وطبخ مشروبات سحرية فيها وأكل نباتات مهلوسة من ضمنها نبات الماندراغورا وهي نبتة سامة تسبب الهلوسة، حتى قيل ان الجن يسكنها لأنها تقتل من يقتلعها دون أخذ إذن خاص.
تبدأ مراسيم تحضير كبار الجن والشياطين الذين يظهرون على هيئة جدي او أي حيوان له أحافير، وفي بعض الأحيان يحضر رسول لهم على هيئة قط أسود، ويبدأ التحالف مع الشيطان والمعاهدات الشيطانية غالبا بقرابين الأطفال وقتلهم وأكلهم، ومن ثم الارتفاع والطيران ليلا على مكانس مصنوعة من الخشب. قامت محاكم التفتيش بإلقاء القبض على أكثر من ٥٣ شخصا وتم حرق ١١ منهم أحياء، ومات البقية بشكل غير إنساني في سجون السراديب بأبشع أساليب التعذيب ومن ضمنهم أطفال اتهموا بالسحر أيضا. كانت كل المعلومات شحيحة جدا ولكن في تلك الأثناء اي اتهام بالسحر يعد تأكيدا على ذلك. منطقة ثوغاراموردي ما زالت محافظة على طابعها القديم وكأن الوقت لم يمض، حيث تعلق على كل أبواب المنازل نوعا من الزهور ليحميها من دخول الساحرات او تأثير السحر، مازال هناك إيمان كلي بوجود ساحرات لذلك يجب إغلاق النوافذ ليلا لأنهم بكل بساطة يطيرون!
من الممكن زيارة كهف ثوغاراموردي الساحر، ومتحف الساحرات الذي تم تدوين أسماء السحرة فيه كضحايا! والتحدث مع أحفادهم الذين يصرون على براءة أجدادهم ولكنهم يزورون ليلا الكهف ويمارسون بعض الطقوس مثل الرقص وحرق الأعشاب بحجة الحفاظ على هذه العادات من النسيان!
هل هم ضحايا فعلا؟ ام ضحايا الجهل والاتهامات من طرف واحد؟ ضحايا معتقداتهم؟ ضحايا التعذيب؟
دمتم بسحر إسباني لا ينتهي..
Spanish_Eyes
Dr_Afrah_MA