أمي الغالية الكويت، أنت يا من كنت يوما لؤلؤة الخليج، كم أفتقدك ويفتقدك معي جموع الكويتيين المخلصين، لماذا نراك اليوم شاحبة الوجه، ثقيلة الخطى، مثقلة بالهموم، ضجرة من الصخب الذي لا ينتهي، ومن الجدل العقيم الذي تعدى كل الخطوط، حزينة انت لما آل إليه نسيجك الاجتماعي من شروخ وجروح، يملأ صدرك الحنون الخوف على وحدة شعبك التي باتت في خطر، جراء صراع أبنائك على المصالح والمنافع، أبناؤك الذين تركوك كما انت منذ عشرين سنة، وكأنك وقفت خارج الزمن.
كم نحن نفتقدك يا كويت يا أمنا الغالية، نفتقد حيويتك، نفتقد سماحتك، نفتقد وسطيتك، نفتقد ترابط اهلك في السراء والضراء وتواصلهم الجميل النابع من القلب الذي لا يعرف النفاق، نفتقد مبادراتك الرائعة، وإبداعاتك المتميزة، وإنجازاتك الحضارية في جميع المجالات، الثقافية، والاجتماعية، والسياسية، والأدبية، والفنية، والرياضية، تلك الانجازات التي كانت يوما ملء العين والبصر، انجازات جعلتك وعن جدارة على رأس دول الخليج لسنين طويلة، وحزت لقب لؤلؤة الخليج عن جدارة!
وبعد.. أيتها الغالية.. ها انت اليوم وبكل القلق الذي تحملين، على اعتاب مفترق طرق.. حكومة جديدة، وتنتظرين مجلس أمة جديد.. ولكنك تعلمين ونعلم، ان التغيير الايجابي الذي تنتظرين وينتظره كل المواطنين المخلصين، لا يتحقق بتغيير الهياكل والأشخاص، وإنما يتحقق بحسن النوايا، وبتغيير ما في النفوس، (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) صدق الله العظيم.
وها هو أميرك وأميرنا بحكمته وبخوفه عليك وعلينا وضع النقاط على الحروف، وفتح الباب على مصراعيه امامنا للتغيير الايجابي المنشود، ولكنه وضعنا امام مسؤولياتنا، وحدد لنا طريق الإصلاح في نطقه السامي عند استقباله للحكومة الجديدة «نأمل ان يحسن المواطنون اختيار من يمثلهم بعيدا عن العصبيات القبلية، والطائفية، والفئوية وان يكون معيار الاختيار هو الإخلاص للوطن» لقد حدد أميرنا الداء ووصف الدواء.. نعم ان الإخلاص للوطن هو طريق الخلاص مما تعانين أيتها الغالية ونعاني، ان الإخلاص لك وحدك أيتها الغالية، يفتح الطريق واسعا امام تقدمك وتطورك، أسوة ببقية الأمم التي سبقتك بمراحل.
أيتها الغالية، اعرف ويعرف الكويتيون المخلصون انك تنتظرين حكومة أفعال لا أقوال، حكومة انجازات لا حكومة ترضيات، حكومة قوية لا تهاب الأصوات العالية، حكومة سياستها الحزم والعدل، حكومة أولوياتها تعزيز هيبة وسلطة القانون، وتتطلعين ايتها الغالية، إلى مجلس أمة يمثل الأمة بأسرها، يمثل الكويت بجميع مكوناتها الاجتماعية، لا مجلسا يمثل اعضاءه مصالح عائلاتهم او أحزابهم او قبائلهم او طوائفهم، مجلس يتفرغ للتشريع والرقابة، لا مجلس للتجريح وتصفية الحسابات، مجلس يضع مصلحتك أيتها الغالية قبل مصلحة أعضائه، او مصلحة من وراءهم .
لا يخفى على الجميع أيتها الغالية، انك امام مرحلة تاريخية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، إما ان تعودي بفضل إخلاص أبنائك وتكاتفهم وتركهم للجدل وتفرغهم للعمل، لاستعادة لقبك «لؤلؤة الخليج» اللقب الذي تستحقين، والذي عرفتك الدنيا من خلاله، وإما ستتقاذفك رياح المجهول «لا سمح الله».
وليس لنا هنا من قول، إلا ان يحفظك الله يا كويت، وطنا غاليا، ويهدي أبناءك لما فيه خيرك ومصلحتك وخير أبنائك وأحفادنا.