الحكومة حرصت فعجلت.. وللدستورية طعن في الدوائر أرسلت.. وهنا المعارضة اعترضت وتنادت، وفي الإرادة تجمعت.. والصحافة عن أقلامها شمرت.. وقلوب المواطنين من خوفها على الوطن وقفت وتسمرت.. كيف لا والبلاد الى قسمين انقسمت.. والفتنة عن وجهها القبيح كشرت.. وكل في المسألة أدلى بدلوه.. وخاضوا في القانون أسفله وأعلاه.. وكثر النقاش والجدل.. والحكمة هنا لم تجد لها محل .. وأصبحت هناك عدة تفسيرات .. في الاعلام والندوات والمنتديات.. وفي خضم هذا وذاك.. كان هناك من يهدد بالويل والثبور.. وهناك من يدعو الرحمن أن تنفرج وتنصلح الأمور.. وبعد ترقب وانتظار.. وأمنيات في النفس ما بين الهزيمة أو الانتصار.. ظهر الرأي الحق في رابعة النهار.. قالت الدستورية وقولها الفصل.. وجاء حكمها عين الصواب والعقل.. جاء حكمها جادا حادا لا مجامل.. فيه من الحكمة الشيء الكثير.. حكما صادر من رأي مستنير.. حكم قاض نافذ البصيرة حي الضمير.. الحكم لاستقرار الوطن انتصر.. وكأنه يقول للقوم عودوا الى العقل، الى المنطق، ليس لكم منه مفر.
قالت الدستورية في ايجاز بليغ وعبارات دقيقة.. اطمئنوا الدستور عندي وديعة.. اي تشريع ليس له عندي حصانة.. لأن مصلحة الوطن عندي أمانة.. تحديد الدوائر مسؤولية المشرع.. له ان يجمع او يقسم او يوزع.. هذا حكمي ملزم لكم.. اتقوا الله في وطنكم.. هذا الحكم على الجميع احترامه.. والوطن حرصوا على أمنه وسلامه..
ولم تنته المسألة بعد.. هناك من يقول ان إرادة الأمة انتصرت.. وهناك من يقول الحمد لله الغمة عن الوطن انحسرت.. وهناك من يشعر أن آماله، وخططه، على حكم المحكمة تحطمت وتكسرت.
الوطن اليوم يحتاج الى رأي سديد.. من الحكماء أصحاب الرأي الرشيد.. رأيا حياديا لا «مجامل».. لا يرجو منفعة ولا ينتظر مقابل.. رأيا حصيفا يصب في مصلحة الوطن.. يقيله من عثرته، يجنبه الشقاق، ويقيه شر المحن.