يقولون اننا نعيش عصر الربيع العربي، وهذا الربيع له مؤيدوه وله مناصروه والكثير الكثير هم المتحمسون له في عالمنا العربي.. بعضهم له أسبابه الوجيهة وله مبرراته في ذلك الحماس، وبالأخص أولئك الذين يعيشون في بلاد تشهد استبدادا وظلما واضطهادا وضنكا في العيش.. ولكن الغريب ان هناك من هو متحمس ومناصر لذلك الربيع وهو يسعى الى ان يرى هذا الربيع يجتاح بلاده، برغم ان بلاده تعيش رغدا ورفاها في العيش، وحرية في التعبير يؤكد عليها الدستور ويكفلها القانون.
والذين يسعون لرؤية ذلك الربيع في تلك البلاد هم فريقان، فريق مغرر به او مقلد اي مع الخيل يا شقرا، والفريق الآخر له أجندته الخاصة أو هو منسجم ومنفذ للأجندات التي يهمها وهدفها السيطرة على البلاد.
والسؤال هنا: ما النتائج التي تمخض عنها هذا الربيع في البلاد التي اجتاحها؟ ان الحقيقة المؤكدة ان سلبيات ذلك الربيع فاقت إيجابياته بمراحل.. اذ انه ما مر هذا الربيع على بلاد إلا وترك فيها مئات القتلى والآلاف من الجرحى وأمهات وزوجات ثكلى، وما اجتاح هذا الربيع بلدا الا ومزق فيه النسيج الاجتماعي وتركه طوائف تأكل بعضها بعضا، وهناك بلاد حل الخوف في نفوس أهلها بعد ان كانت تعيش أمنا وطمأنينة، وهناك بلاد تعيش جدلا سياسيا وصراعات قانونية لا تنتهي، ناهيك عن زيادة معدلات البطالة، وتعقد المشكلات الاقتصادية والمعيشية في معظم البلاد التي اجتاحها هذا الربيع.
وفي رأيي ان ما مر على تلك الدول ليس ربيعا عربيا إنما الذي مر عليها هو «عزيزو عربي» من إعداد وإخراج «ماما أميركا».. و«العزيزو» للذين لا يعرفونه «هو عظمة صغيرة»، ولهذه العظمة قوة هائلة معروفة وتاريخ طويل في إشعال الفتنة وإذكاء الفرقة وزرع روح العداوة بين من توضع بينهم، من الأهل أو الأصدقاء او أهل الفريج «هكذا يقول الأولون»، ويظهر والله هو العالم ان «ماما أميركا» قد اكتشفت هذه القوة السحرية التدميرية في ذلك «العزيزو»، وبمساعدة تقنية وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي كحلته وزينته، وأطلقته في بلادنا العربية ولكن بعد أن أعطته اسما خلابا يسلب العقول ألا وهو «الربيع العربي» وهو في حقيقة الأمر هو «عزيزو عربي» بامتياز. وما نعيشه اليوم في كويت الأمن والأمان، الكويت الوطن الجميل المسالم، ما هو إلا عدوى ذلك «العزيزو العربي» الذي فتن به البعض منا، وأغواه وأغراه، وجعل الوطن نتيجة لتصرفاته وأطروحاته في مفترق طرق، قلوب أهله وجلة خائفة من فتنة لا تبقي ولا تذر، نعيش بوادرها، ولا تخفى علينا مواريها.
وفي خضم الإحباط الذي ألم بنفس كثير من المواطنين جراء ما يجري في ساحات الوطن، جاء صوت الحكمة صوت صاحب السمو الأمير المفدى الشيخ صباح الأحمد حفظه الله ورعاه عاليا حازما، واضعا النقاط على الحروف عبر خطاب تاريخي انتظره أبناء الكويت بترقب وأمل، مؤكدا في ذلك الخطاب ان الكويت وأهلها وأمنها أمانة ومسؤولية يتولاها سموه حفظه الله، كما يؤكد ان الكويت دولة مؤسسات ودستور وقانون وليس فيها من هو فوق القانون مهما علا شأنه، وان الوطنية ليست حكرا على أحد، وتجسدها الأفعال لا الأقوال.. والوطنية الحقة ان يكون كل الكويتيين اليوم يدا واحدة وقلبا واحدا، ضد من يتربص بهم ويريد بوطنهم شرا، فشكرا يا صاحب السمو فلقد فرجت بعد الله هما وبددت قلقا، وجددت أملا، بأن الكويت مازالت بخير بقيادتكم وبمعاونة ولي عهدكم حفظكم المولى ورعاكم.