بقلم: أحمد الرجيب
يجمع المراقبون على ان الانتخابات القادمة، ستكون في غاية الأهمية، وفي رأيي أنها ستوازي في أهميتها انتخابات المجلس التأسيسي، الذي وضع الدستور، مع فارق الأهداف والمهام بطبيعة الحال، حيث إن المجلس التأسيسي أسس لمرحلة وانطلاقة تاريخية لدولة الكويت، لازلنا ننعم بمزاياها، ومجلس الأمة القادم سيكون إن شاء الله، علامة فارقة ومرحلة مهمة من تاريخ الكويت.
تأتي أهمية تلك الانتخابات انطلاقا من عدة عناصر وعدد من المعطيات داخلية وخارجية لا يمكن إغفالها، ففي الداخل تأتي هذه الانتخابات بعد ان حسم الجدل حول الصوت الواحد، الذي اصبح واقعا بناء على ما قررته المحكمة الدستورية في حكمها التاريخي الشهير في يوم 16/6، ذلك الحكم الذي لقي قبولا وارتياحا من الغالبية العظمى من أطياف المجتمع على مختلف مشاربهم وتوجهاتهم السياسية، وذلك انطلاقا من إيمانهم بأهمية احترام أحكام القضاء التي هي صمام أمان للمجتمعات المتحضرة.
وتأتي أهمية الانتخابات القادمة بعد أن أجهض الشق الآخر من حكم المحكمة الدستورية استمرار مجلس الامة الأخير والذي انتخب بناء على الصوت الواحد، وكانت ولادته متعسرة نظرا للجدل السياسي الذي صاحبه، ومحاولة مقاطعته من قبل معارضي الصوت الواحد، أو من قبل من اعتراهم الشك بعدم دستوريته، ويعطي ذلك الإبطال القانوني للمجلس الاخير اهمية خاصة للانتخابات القادمة، إذ انها ستتيح الفرصة لأكبر عدد من المواطنين في المشاركة لاطمئنانهم لسلامة مشاركتهم القانونية والوطنية ترشيحا أو انتخابا، وبالأخص بعض من قاطع الانتخابات السابقة لسبب أو لآخر، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، هي فرصة ذهبية لإعادة النظر وإعادة ترتيب الصفوف لمن شارك في الانتخابات السابقة ترشيحا وانتخابا سعيا لتلافي السلبيات استعدادا للانتخابات المهمة القادمة والتي ستكون فيها المنافسة شديدة وشرسة.
وتأخذ الانتخابات القادمة، أهمية خاصة نظرا للإقبال الكبير المتوقع من عدد كبير من أبناء القبائل ومن الشخصيات السياسية التي لها وزنها والتي أحجمت او قاطعت الانتخابات السابقة، كما ستشهد ترشيح عدد من أصحاب الكفاءات والتي ستجرب حظها في الدخول الى المعترك السياسي لأول مرة، كما تنبئ المؤشرات الأولية لبورصة الأسماء المطروحة بذلك.
وتكتسب الانتخابات القادمة اهمية خاصة، لتؤكد مرة أخرى وبعد نجاح التجربة الأولى للصوت الواحد، ان جميع مكونات المجتمع الكويتي بجميع أطيافه صغيرها وكبيرها، ستكون لها فرص وحظوظ متساوية في دخول من يمثلها للمجلس القادم، وبذلك ستتحقق العدالة السياسية، لكافة شرائح المجتمع، تلك العدالة التي غابت كثيرا عن الساحة السياسية.
وتأتي الأهمية الكبرى للانتخابات القادمة في تنامي الشعور الوطني بأهمية المشاركة في تلك الانتخابات ترشيحا وانتخابا سعيا لاختيار الأفضل كفاءة، وعلما، وفكرا، للمجلس القادم، لأن الوطن يستحق الأفضل.
أما الأهمية القصوى لتلك الانتخابات على الصعيد الخارجي وبالأخص المحيط الإقليمي، الذي ينوء كاهله بمشاكل امنية وسياسية خطيرة، والتي لا تخفى خطورة مؤشراتها وعواقبها الوخيمة على الأمن الوطني على أي متابع ان لم يتم درؤها.
لذا تأتي أهمية تلك الانتخابات من اهمية وجود مجلس امة يعزز الوحدة الوطنية، ويكون صمام أمان يحمي الوطن الغالي من رياح الفتنة الطائفية التي بدأت تهب على المنطقة، وذلك من خلال أطروحاته وتوجهاته التي يجب ان تعلي شأن المصالح الوطنية العليا للوطن، وتعزز أمنة واستقراره.
فهذه نظرة متواضعة لأهمية الانتخابات القادمة، وللحديث بقية.