بقلم: أحمد الرجيب
مجلس الأمة الجديد: مع بزوغ شمس يوم غد الأحد، سيكون في الكويت مجلس أمة جديد، بـ 50 عضوا قديما وجديدا، وصل بعضهم باقتناع الناخبين بكفاءتهم ونزاهتهم وبقدرتهم على العطاء، ووصل بعض القليل منهم بطريقة أو بأخرى. وستشهد قاعة عبدالله السالم في القادم من الأيام وكالعادة من بعض الأعضاء، تصريحات وتصرفات وتوجهات وأهدافا ووجوها مغايرة تماما ولا تمت بصلة لما طرحوه في برامجهم الانتخابية.
ورغم ذلك يرى كثير من المتابعين إما أن يترك هذا المجلس بصماته الإيجابية في تاريخ الديموقراطية الكويتية التي شابها ما شابها من بعض المجالس السابقة، بل يحدوهم الأمل أن يكون هذا المجلس مصلحا، متصديا للفساد، حاميا للمال العام، مدافعا صلبا عن مصالح الوطن ومعالجا لمشاكل المواطنين، محققا آمالهم وطموحاتهم في ان يروا الكويت في مصاف الدول المتقدمة، وإما سيكون مجلسا ستلعب به أهواء بعض أعضائه، عندها ستذهب به رياح الشطط والتأزيم والأجندات الخاصة كما ذهبت بغيره من المجالس التي على شاكلته.
الحكومة القادمة: من المؤكد أن تكون هناك حكومة قادمة ستشكل بعد ظهور نتائج الانتخابات كما ينص عليه الدستور، وسيكون في تقديري أمام تلك الحكومة تحديات كبيرة، داخلية وأخرى خارجية.
أول التحديات الداخلية الاحتجاجات التي ستواجهها من مجلس الأمة ومن خارجه، إن هي جاءت بوزراء نتيجة المحاصصة والترضيات كالعادة.
والتحدي الثاني أنها سترث تركة ضخمة من ملفات لقضايا ومهام غير منجزة، كالتنمية التي أصبحت مثل «بيض الصعو» التي نسمع بها ولا نرى لها أثرا وملفات الخدمات المتردية، كالصحة والإسكان، والبطالة بين الشباب، والخلل في التركيبة السكانية التي تزداد خطورة عاما بعد عام، والملف الأكبر وأعني به الفساد المستشري في البلاد.
والتحدي الثالث هو الشروخ في الوحدة الوطنية، والفتنة الطائفية التي تطل برأسها بين حين وآخر.
والتحدي الرابع هو اختلال ميزان العدالة الاجتماعية وبالأخص في التعيينات في المناصب القيادية التي يعاني من اختلالها وظلمها أصحاب الكفاءات الذين ليس لهم ظهر أو واسطة.
والتحدي الخطير الخامس هو سقوط هيبة القانون في أذهان الكثير من المواطنين والوافدين الذين استسهلوا ارتكاب الجرائم بشتى أنواعها دون خوف من القانون ودون وازع من ضمير، وهنا لابد من التنويه والإشادة بدور رجال الأمن، ولكن الشق عود.
والتحدي السادس هو التوتر المزمن بينها، أي بين الحكومة وبين مجلس الأمة والذي عانت منه الحكومات السابقة، والذي غالبا ما يبدأ بعد الشهور الأولى من عمر مجلس الأمة، بسبب عدم إجادة الحكومة لعبة التوازنات، بقدر إجادتها لفن الترضيات التي لا ترضي إلا من يعارضها.
أما التحديات الخارجية التي ستواجه الحكومة القادمة، فهي من الخطورة بمكان، إذ لا يخفى على أي متابع أن المحيط الإقليمي يغلي، والكويت جزء من هذا الإقليم، وليس مستبعدا أن يكون لذلك الغليان تأثيراته وانعكاساته الخطيرة على الأمن الوطني الكويتي، ناهيك عما يدور في الساحة الدولية من متغيرات وتحالفات، نظرا للمتغيرات في سياسات بعض الدول العظمي التي وضعت رهانها على فصيل إقليمي له امتدادات دولية لتنفيذ سياساتها ومخططاتها في الشرق الأوسط، ومن السذاجة بمكان أن نستبعد أن الكويت ليست ضمن ذلك المخطط، رغم زيارات المجاملة وعبارات التطمينات التي يدلي بها مندوبو ومسؤولو تلك الدول عند زيارتهم للكويت أو عند التقائهم بالمسؤولين، ولا يمكن أن نغفل بأي حال من الأحوال نار الطائفية التي استعرت أوزارها في بعض دول الإقليم، الأمر الذي يخشى منه أن تكون مقدمة لحرب أهلية في تلك الدول، وهذا يحتم على الحكومة القادمة العمل على إبعاد تأثير ذلك كله عن الساحة الكويتية من خلال المراقبة والتصدي بكل قوة وحزم لأعوان ومناصري تلك الأطراف المتنازعة في تلك الدول في حال محاولتهم جر الكويت بطريقه أو بأخرى لتكون ساحة لنزاعاتهم.
وحتى لا نغرق في التنظير المتشائم، أرى أن الحكومة القادمة ستكون قادرة بإذن الله تعالى على مواجهه جميع التحديات سواء كانت تحديات داخليه أو خارجية، بكفاءة واقتدار عاليين.. بشرط أن يكون معيار اختيار الوزراء من ذوي الكفاءة والخبرة المهنية العالية، ومن ذوي الشخصيات المبادرة والقادرة على التخطيط المبدع والتنفيذ المحكم المسؤول، بعيدا عن أساليب المحاصصة أو سياسة الترضيات التي تهدف إلى مجاملة طائفة، أو فئة، أو تكتل.. لأن الكويت تعبت من تلك السياسات، ولم تجن منها إلا وقف الحال والتخلف، فهل يتحقق ما يطمح إليه جموع المواطنين.. نأمل ذلك.