في نهاية مقالي السابق الذي نشر بتاريخ 4/8. أشرت إلى أنه سيكون عنوان هذا المقال الذي بين أيديكم الآن هو «لا تلوموا الوزراء.. ليس لديهم وقت» وأنا أعني ما أقول بناء على تجربة مررت بها، وان كانت قصيرة، إلا أنها أثبتت لي وبالممارسة الفعلية، انه ليس هناك وقت كاف لأي وزير في الحكومة يستطيع أن يقوم بواجباته واختصاصاته، كما هو مطلوب منه وكما حددتها المادة 130 من الدستور على أن «يتولى كل وزير الإشراف على شؤون وزارته، ويقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، كما يرسم اتجاهات الوزارة ويشرف على تنفيذها»، ولا لأحد أن يستهين بما حددته عشرون كلمة هي قوام هذه المادة التي أوجزت اختصاصات ومسؤوليات وواجبات الوزير، فلقد جاءت القوانين والمراسيم المنفذة لهذه المادة، مفصلة اختصاصات ومسؤوليات كل وزارة، ويتضح جليا أن من تعدد تلك الاختصاصات وتشعبها، انه من الصعوبة بمكان على أي وزير مهما كانت قدرته أن يقوم بواجباته على أكمل وجه في الوقت المحدود والمتاح لديه فعليا في الجدول الشهري المعمول به منذ سنوات، وهذه حقيقة يوافقني عليها كل من تشرف بالعمل الوزاري، ولكي يكون عنوان المقال وما جاء في هذه المقدمة منطقيا لنحسب أيام عمل الوزير وفقا للجدول الشهري المعمول به حاليا:
٭ اجتماع مجلس الوزراء يوما في الأسبوع.
٭ اجتماع مجلس الأمة ثلاثة أيام كل أسبوعين.
٭ اجتماعات لجان مجلس الوزراء المتخصصة خلال الشهر والتي يشارك فيها الوزراء، وأغلبهم أعضاء في أكثر من لجنة.
٭ حضور اجتماعات لجان مجلس الأمة التي يدعى لها الوزراء.
٭ حضور اجتماعات الهيئات واللجان والمؤسسات وأغلب الوزراء كونهم أعضاء في مجالس إداراتها، كل في مجال اختصاصه.
٭ الساعات التي يوقع فيها الوزير بريده اليومي، ناهيك عن المقابلات الجانبية غير الرسمية. علما أن كثيرا من الوزراء يتولى مسؤولية أكثر من وزارة.
٭ السفر في المهمات الرسمية.
٭ حضور الاحتفالات والمناسبات الرسمية.
٭ من 8 إلى 10 أيام العطل الأسبوعية.
كل ما سبق من مهام وواجبات ملزمة للوزير، ولو حسبنا الأيام التي ينشغل بها الوزير في تنفيذها، وهي تفوق في عددها ثلثي الشهر، فماذا سيتبقى للوزير من أيام؟ وكم من الوقت في اليوم الواحد لديه؟ ليضطلع بمسؤولياته التي حددتها المادة 130 من الدستور والقوانين والمراسيم التي فصلت تلك المسؤوليات وحددت الاختصاصات بكل دقة، وهي مهام وواجبات رئيسية وفي غاية الأهمية، ومن نافلة القول أنها تهدف بمجملها إلى تطوير الوطن وإعلاء مصلحته العليا وتحقيق آمال المواطنين وتطلعاتهم في التطوير والإصلاح في شتى المجالات، كما أكد على ذلك سمو رئيس مجلس الوزراء في كلمته في افتتاح الفصل التشريعي الرابع عشر للمجلس الأمة.
وبعد.. انني لا اهدف من ذلك الى تثبيط الهمم، ولا هو تبرير للقصور في أداء احد من الإخوة الوزراء لاسمح الله الذين لم يبدأوا عملهم الفعلي بعد، والذين أتمنى لهم الخير والسداد والتوفيق في مهامهم، إنما أنبه إلى أن هذا الجدول الشهري لعمل الوزراء لا يساعدهم على الإنتاج بالشكل المطلوب، وادعوا هنا إلى إعادة النظر في ذلك الجدول الذي يرهق كل الوزراء بلا استثناء، الأمر الذي يضطر بعضهم السهر لساعات طويلة ليلا لينجز بعض أعمال وزارته أو وزاراته المتراكمة، مؤكدا في هذا الصدد انه بات ضروريا إيجاد حل لتخفيف بعض أعباء هذا الجدول، لإعطاء الوزير وقتا للتفرغ لعمله في الوزارة، استجابة لمتطلبات المرحلة المهمة التي تمر بها البلاد والتي تتطلب التركيز من الحكومة ومن وزرائها لمواجهة وحل المشكلات التي باتت تؤثر تأثيرا سلبيا بالغا على كل مناحي الحياة في الكويت، والعمل على التركيز أكثر على وضع أسس لمستقبل الوطن كما يتمناه أهل الكويت.
وأدعوا في هذه المناسبة إلى إعادة النظر برواتب الإخوة الوزراء التي تجاوزتها رواتب صغار الموظفين في الدولة بمراحل، وليس من باب المبالغة ان قلت إن هناك من هم في المناصب القيادية والإشرافية في أي وزارة تفوق رواتبهم راتب الوزير الذي هو على رأس تلك الوزارة.