الناس كثيرون تتعدد مشاربهم وتتنوع نشاطاتهم وتتلون اهتماماتهم، الناس هم الجماعة الإنسانية التي قد تكون منارا للعالم كله في الخير أو قد تكون بركانا يهدم كل ما هو جميل ونبيل في الحياة.
إنني على يقين بأنه لن يكون هناك سمو إنساني عام إلا من خلال سمو الأفراد وعلو همتهم في إصلاح الذات/ الروح، ومن ثم يتأسس البيت الصغير والمجتمع الكبير على أحسن حال يطمح إليه الإنسان السوي السامي، ولكن من أين يأتي هذا السمو وما هي منابعه لكي نصبح من الأخيار الأبرار الذين تزهو بهم الحياة ويسود الفرح وتبتهج الآفاق؟ ولذا فإنني سأقوم معكم بنزهة جميلة في حدائق الحكمة النبوية والتي تعرفنا بخير الناس وصفاتهم والتي إذا اتصفنا بإحداها أو ببعضها أو بها كلها فإن ذلك يعد توفيقا ربانيا يستوجب شكرا لله وييسر لنا أن نكون نفوسا مطمئنة.
إن خير الناس من أنتفع به الناس، وهو أحسنهم أخلاقا، وخير الناس من يرجى خيره ويؤمن شره، كما أن خير الناس من أطعم الطعام، وخير الناس ذو القلب المحموم (وهو التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا حسد) وذو اللسان الصادق، إن خير الناس مؤمن فقير يعطي جهده، ولا ريب أن خير الناس رجل عمل في سبيل الله حتى يأتيه الموت (فكل أعماله لله لا لأجل دنيا ولا سعيا وراء رضا مخلوق ولا شهوة).
إن خير الناس عند الله أقومهم لله بالطاعة فيما له وعليه وأقولهم بالحق ولو كان مرا فإن بالحق قامت السموات والأرض، خير الناس من كافأ على القبيح بالجميل، وخير الناس خيرهم لنفسه وشر الناس شرهم لنفسه، فلا تنظر إلى غيرك عندما تقرر أن تكون من أهل الخير فاجعل عملك خيرا يبدأ من ذاتك وينتشر عطره الفواح للآخرين، خير الناس من طهر من الشهوات نفسه، خير الناس إذا غضب حلم وان ظلم غفر وان أسيء إليه أحسن، خير الناس من نفع الناس وخيرهم من تحمل مؤنة الناس، خير الناس من أخرج الحرص من قلبه وعصى هواه في طاعة ربه، خير الناس من كان في يسره سخيا شكورا ومن كان في عسره مؤثرا صبورا، خير الناس في الدنيا الأسخياء وفى الآخرة الأتقياء.
إننا أمام خارطة ذات ألوان بهية تزدهي بمكارم الأخلاق فمن سار بها كان خير الناس وهو من الأصفياء الذين فازوا بنقاء الروح وعلو الهمة فإن خير الناس من نفع ووصل وأعان.
ان أعقل الناس من كان بعيبه بصيرا وعن عيب غيره ضريرا فطوبى لمن فهم لماذا وكيف ومن أين وإلى أين فإنها أسئلة الحياة.