في عصر الفوضى المعلوماتية والأفكار اللامنطقية التي أفسدت العقول والأرواح أصبحت الحياة اليومية موتورة ومتسارعة بلا حدود، وفقد الإنسان التوازن والشعور بطعم الحياة الهادفة التي تصنع واقعا مجتمعيا متطورا، وأصبحت حركة الإنسان تتسم بالحذر من كل شيء، وبالتالي انفجرت الأزمات ويظل السؤال حول ما يجب أن نفعل في هذا الوضع المتفجر بالكراهية والأزمات سؤالا مستحقا اذا ما اردنا الحفاظ على حقيقة وجودنا في هذه الحياة ونبحث عن جواب حقيقي بعيد عن الجدليات التي تحيل الأفكار إلى ألغاز وأحاجي ومن ثم ننطلق لنفهم كيف نبدأ بتطوير الذات وتنوير الروح وبالارتقاء بالمجتمع.
يجب أن نبدأ بتراثنا الحضاري فإن دراسته تقودنا لإعادة قراءة أفكارنا علميا وفهم تجلياته على الواقع الراهن، ولا ريب ان اصل المعرفة في تراثنا الإسلامي نابع من النص القرآني وينبغي ألا نخلط في هذه المرجعية بين تفسيرات النص وتأويلاته وبين المفهوم الحقيقي للنص لاسيما في عصرنا الذي اختلط فيه الوهم والحقيقة مما أدى إلى خلل معرفي كبير وبناءات فاسدة انتجت إرثا ثقيلا مليئا بالاعوجاج دينيا/ اجتماعيا/ سياسيا كما انتج سلوكيات وممارسات ضارة تسببت في تخلف كبير مخيف.
ومن هنا بات ضروريا جدا تأسيس منهج علمي فكري يواكب هموم الإنسان المعاصر وفقا لرؤية علمية متسامحة تستوعب التنوعات والتعدديات وتضع منهجا إنسانيا ناجحا في تحقيق التواصل المنشود.
نحن نعيش في عصر الكذب المعلوماتي المتعمد الذي يسعى إلى تدمير السلم الأهلي المحلي والعالمي ولذلك كان من الأهمية القصوى في ظل هذا الجو المشحون معلوماتيا أن نحافظ على الوعي وأن نمارس نقد المعلومات بالشكل العلمي المتوازن وفقا للأصول المحكمة وبأن ندقق في منابع ومصادر المعلومات حتى لا نكون ميدانا للاستهداف والاستحمار لأهواء هذا وذاك.
ان التوازن معرفيا لن يتحقق إلا بواسطة دراية كاملة بالرسالة القرآنية الحقيقية ومعرفة القواعد الكلية لبناء المفاهيم ولا يمكن أن يتحقق البناء الفكري القيمي إلا من خلال فهم التجرية الحضارية الإنسانية ومن هنا يتحقق النجاح في معالجة الانحلال القيمي في العالم بأسره، فالقرآن الكريم قد وضع أسس الهداية والنجاح لكل مجال ولذا فانه أنموذج محوري لتغيير الواقع وليس كتابا للتعبد فقط ومن هنا كان لزاما علينا فهم القرآن لكي نعيد الحضارة بإشراقات متجددة.