التردد والتذبذب من الحالات النفسية السلبية التي تقتل الروح مع سبق الترصد والإصرار، ولذلك ينهانا الله أن نكون من (الممترين) الذين هم المترددون في يقينهم المتزلزلون في مواقفهم، ولا ريب أن هذا النهي بات قطعيا لأن الله خلق الإنسان لبلوغ السعادة بقوة الإرادة بعيدا عن أي عناء وهذا أمل يرغب فيه كل الناس لكنهم للأسف لا يعملون من أجله بل إنهم يكرسون كل ما ينتج التعاسة والشك ولذا حرم الله علينا أن نكون من المترددين لأنهم يستبدلون باليقين الشك وبذلك لا يمكن بناء المعرفة فهي لا تبنى إلا باليقين ولا يحصل الإنسان على هذا اليقين بسهولة لأنه نتاج عملي شاق مرتبط بحركتنا في الحياة، ولقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بأن ينتهج في مسيرته نحو المعرفة منهج السؤال والتثبت رغم اصطفائه له ليعلمنا أن العلم واليقين وكذلك المعرفة الواعية لا تتحقق إلا بإعادة البحث والنقد لما ورثناه من يقينيات وأحكام ومفاهيم وتصورات، وإذا نظرنا في خارطة الأسماء والمنظومات الفكرية والمفاهمية فإننا سنجد أنها تعج بصناديق أكاذيب فكم سنرى من هؤلاء الذين يروجون لشكوكهم وأوهامهم على أنها علم ويقين ليتسببوا في تدمير عقول العديد من الناس وزرع الشك فيها، لذا ينبغي الحذر فإن من سار على هذا النهج سينتهي إلى فقدان الإرادة وإنكار القيم والفضائل كلها.
إن الإيمان الذي لا يحمل في طياته الوعي بالمفاهيم والحقائق هو في حقيقة الأمر تعصب قاتل ولغو وضياع، ومن أجل ذلك ينبغي أن نناضل لصناعة المستقبل فإن الطاقات الحية للإنسان تتعرض للقمع والتضييع ومازالت تهدر، إذ إن مجتمعنا والأنظمة الإدارية التي تتحكم في الحياة العامة لا تهتم بالإنتاج وجودته ولا تعنى بالتطوير والتنمية التنافسية.
إن التفكير السلبي يسود مجتمعنا اليوم ويهدم التفكير الإيجابي ومقوماته ويزرع التشاؤم ويؤدي إلى اللامبالاة والتخلي عن دورنا في الحياة رغم أننا نحتاج إلى بناء القدرة الفاعلة، وهذا لا يكون إلا مع الشجاعة، فلنعلم أبناءنا شجاعة الرأي والتغيير والثقة بالذات والمرونة في التفكير.
نحن نحتاج الى مجتمع لا يقدس أحدا ولا يخضع للطاعة العمياء، بل نحتاج إلى قيادات نشيطة عالمة يكون هاجسها الوحيد العمل الجاد وصناعة المستقبل وليس الاستحواذ وبناء السلطة والاستبداد، لذا يجب أن نبدأ بذواتنا فإنها هي الأساس لبناء الفضائل الإنسانية وخلق الإشراق الحضاري من جديد.