نحن رهائن لأفكارنا وأعني هنا الأفكار بشكل عام مهما كان الموضوع الذي تتداوله هذه العمليات الذهنية الدقيقة التي نطلق عليها (عملية التفكير)، وعندما نحاول أن نتطلع إلى شكل العلاقة بين الأفكار ومواقعها في حياتنا وأثرها في واقعنا الذي نعيشه، فإننا نلاحظ هذه العلاقة الخفية الخطيرة، إذ إن هذه الأفكار تسيطر علينا كما أنها تجعلنا نتصرف وفقا لما تقرره هي وطبقاً لما استقر في عقولنا منها، لذلك فإنه من الأهمية القصوى لكل إنسان اليوم أن لا يسمح لهذه الأفكار بأن تسيطر عليه.
وهناك تكتيك قديم/ جديد اتبعه العارفون وأهل اليقين أسموه (نفي الخطرات) وهي محاولة لضبط حالات الإنسان مع ما يرد عليه من أفكار وصور ومشاهد سلبية/ لا أخلاقية/ منافية للضمير/ مخالفة لمقتضيات التقوى ومكارم الروح، وهذا الضبط لا يمكن إلا أن يكون بقوة الوعي وتركيز الإرادة في التعامل مع النفس، وهنا لابد أن نؤكد أن طبيعة النفس الإنسانية عنيدة أمّارة تنزع إلى السيطرة على الإنسان روحا وفكرا بل وجسدا أيضا، ولذلك فإن من ينجح في ترويضها يكون قد حقق في ذاته الوعي الحقيقي الذي ينتج عنه السلام الداخلي الذي يرتبط بشكل كبير بإعادة إنتاج الحياة الشاملة التي ترسم للإنسان خارطة طريق نحو التوازن.
إن الاهتمام بالداخل/ الباطن/ الروح/ النفس ضروري جدا لتحقيق السلام في نفوسنا لاسيما في هذه الحياة الصاخبة ذات الضجيج المتعالي والدوامة السلبية التي نحياها بقلق وتوتر لحظة بلحظة، وليس عليك أيها الإنسان إلا أن تنصت بوعي إلى الأصوات، إذ لابد أن يسبق استماعك لها أن تدركها بالتحليل الدقيق وتكون مستعداً للابتعاد عن دوامة التوتر والقلق الخاصة بها لكي تنقذ نفسك من الدمار الروحي الذي ينتظر كل من يسمح لنفسه أن يكون هدفا سهلاً لهذه الدوامة.
لقد خلقنا الله للسعادة لا للشقاء، ولذلك فإن الدين هو أن تحقق السعادة لنفسك ولغيرك، وهذه مهمة نبيلة تستدعي منك أن تفهم حقائق الدين وأصول التدين التي من خلالها سيكون لدينا مجتمع يسوده السلام/ السعادة/ الحكمة/ الخير، من أجل ذلك نعمل، فالإنسان يواجه اليوم خيارين: تأسيس عالم مليء بالنبل والاحترام أو عالم مليء بالخداع والزيف، وينبغي أن نختار لذا أنصحك لا تسمح لشيء أن يعميك عن السمو بالفضيلة، فالحياة تزدهر بالصادقين النبلاء دون سواهم.