الحوار عملية قد تنجح وقد تقع في إخفاقات وعناصر نجاحها متعددة، وعناصر فشلها متعددة أيضا منها إذا ما ركزنا في ثقافتنا العامة والدينية على البعد الأخلاقي فقط في الحوار دون أن نهتم بالبعد المعرفي الذي يشكل بيئة ذهنية حاضنة لولادة حوار منتج وفاعل وصحي ويخلق مناخ معرفي تولد في ظله الحوارات المنتجة في ظل تغيير مفهوم اليقين في ثقافتنا حيث ان اليقين البرهاني الأرسطي هو يقين إقصائي لأنه لا يرى إمكانية الخطأ في النتيجة عند من يقتنع به ومن ثم فالحوار سيقوم على مقولة افتراضية غير واقعية تقول «قولي صواب يحتمل الخطأ وقول خصمي خطأ يحتمل الصواب» وهي مقولة غير نابعة من البنية العميقة للتفكير الخاص بالإنسان بل هي مقولة افتراضية يستخدمها كل واحد منا لينتصر لنفسه ولهذا فإن اليقين الموضوعي الاستقرائي يمكنه أن يوفر لنا أرضية مناسبة لنخرج من دائرة الافتراض إلى دائرة القضايا الواقعية وهذا يؤكد أن مفهوم اليقين ونمط وجوده له دور وتأثير في الوصول لخلق بيئة حاضنة لحوار منتج كما أن هناك عناصر كثيرة تنجح الحوار أو توقعه في الفشل كالعناصر الأخــلاقية للأطراف المتحاورة وكذلك الضغط النفسي للفكرة موضوع الحوار على أصحابها وهذا كله يساعد عــلـى إيــجاد بـــنية تفكيرية تستطيع أكـــثر من غيرها توفير النـــجاح لحواراتنا بشكل أكبر لننتقل منها إلى مجتمع تعددي حقيقي.
والتعددية وان كانت غايتنا السامية في عالم اليوم إلا أنها مصطلح مقلق تستخدمه كل الجماعات الإنسانية في العالم ومن مختلف المشارب وقد صار جزءا من الأدبيات الدينية والثـــقافية العامة ورغم أنه قد أصـــبح مفهوما واسع الانتشار والاستعمال كما صـــار متداولا عند أغلب المسلمين بمختلف انتماءاتهم إلا أن بعض مقولاته وتطبيقاته قد ترفض أو يثار حولها جدل لكنه مع كل الجدل الذي قد يدور يظل هو السبيل الوحيد لنتخلص من بعض ما يشوب تفكيرنا من روح تاريخية وطقوسية وفئوية لأننا أصبحنا وبشكل تلقائي نركز في دوافعنا ما قبل وما بعد التفكير على صور وأفكار ماضوية تحمل من الظلام ما يكفي لطمس نور المستقبل بل إنها تكرس روح القطيعة مع الآخر وتخلق حالة الانغلاق الاجتماعي الذي تضيع معه المسؤوليات الكبرى في الأمة فتصبح أمة بلا هدف ولا غاية بل أمة لا تساهم في بناء الحياة الإنسانية أبدا.