يحدد الإمام الرضا (عليه السلام) ملامح الروح الرسالية التي تجعل الإنسان ينفتح على مسؤولياته في الدنيا والآخرة، فيقول إن الله عز وجل أمر بثلاثة مقرونة بها ثلاثة أخرى: أمر بالصلاة والزكاة فمن صلى ولم يزكّ لم تقبل منه صلاته لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وحبس حقوق الله عمن أمر الله أن تعطى له هو من المنكر والفحشاء، والصلاة مدرسة تربي الإنسان على طاعة الله والالتجاء إليه في كل حال وموقف، وأمر سبحانه بالشكر له وللوالدين، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله ومن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق لأن الشكر يعبر عن إيمان وجداني بضرورة التقدير لإحسان المنعم. ولقد حث الإمام الرضا على تقوى الله وصلة الرحم فمن لم يصل رحمه لم يدرك حقيقة الرحمة الربانية بل يعيش الانغلاق على البغض والكراهية.
يقول الإمام الرضا عونك للضعيف أفضل الصدقة فإذا كان هناك إنسان يعيش حالة ضعف وأراد منك أن تنصره بقوتك لتنقذه من الظلم الواقع عليه، أو كان ضعيفا في علمه وأراد منك أن تعلمه المعارف لتنير له الفكر فإنك عندما تعين الضعيف فإن الله تعالى يكتب لك أجرا أكبر مما إذا تصدقت عليه لأن الصدقة تسد حاجته المالية أما إذا أنقذته من ضعفه وأعطيته قوة من قوتك فإن هذه القوة التي تعطيها له تمنحه شخصية كريمة متجددة.
يخبرنا الإمام عن الأصدقاء والأعداء ونحن نعرف أن الأصدقاء هم الناس الذين يوادوننا ونوادهم لكن الإمام الرضا (عليه السلام) يقول لنا: «صديق كل امرئ عقله»، لأن العقل هو الذي يحدد لك الحسن والقبيح، وهو الذي يهديك فيميز بين ما يضرك وما ينفعك، وهو الذي يحدد لك طريقك إلى الجنة أو إلى النار، وقد ورد أن العقل «هو ما عبد به الرحمن وعصي به الشيطان» أما العدو فيقول لنا (وعدوه جهله) لأن هذا الجهل يدمر عقلك ويمنعك من حسن التدبير للأمور ويسير بك إلى الهاوية.
ان العقل هو الرفيق المؤتمن الذي يعطى للإنسان السعادة ويبعده عن الظلم والجهل ومن هنا فإن الإمام الرضا يوصي الإنسان بألا يترك صديقه الذي هو العقل وألا يتبع غريزته والجهل وعندما تختلط عليه الأمور فليسأل عقله وعندما تضيع معالم الطريق فليسأل عقله وليستعن على عقله بعقول الآخرين فمن شاور الناس شاركها في عقولها.