إن القمع والديكتاتوريات أوبئة تظهر في مجتمعات لا توجد فيها حرية فكرية تسمح بمواكبة المتغيرات التي تطرأ على عالم الانسان وحركته سواء كانت الفردية أو الاجتماعية أو السياسية أو غيرها.
إن تلك المتغيرات تفرض نفسها على الفكر والسلوك وقد تناقض مصالح أصحاب السلطة والنفوذ وعلى هذا الأساس يقوم هؤلاء بتجميد الحياة لتحقق أنانيتهم وجشعهم وهذا إنما يكون من خلال تسطيح الناس فكريا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا.
وهذا هو ما يمارسه كل أصحاب المصالح الذين يشعرون بالخطر من أي جديد ليس في الواقع السياسي فحسب، بل قد يحصل في مجالات الحياة الأخرى، فمثلا تجد أنه قد يصور البعض أي حركة تجديدية دينية على أنها حركة إضلال أو تخريب للدين، فترى الناس بحسن نواياهم وإخلاصهم يعارضونها، وقد يصل الأمر الى إعدام المجددين ماديا أو معنويا، وليس هذا لأن الناس لا ترغب في لجديد، وإنما لأن ثمة قوى تتحكم بمفاصل الفكر وحركتها وهذا ما يجعل لها القدرة على تحوير الأمور وتزييف الحقائق وتسويق الشائعات في وجه المصلحين وهذا يؤكد أن تحرير الناس لا يكون إلا بإضعاف سلطة الآخرين وزيادة حرية الفكر.
إن فاعلية الفكر تزيد وتنقص حسب درجة اليقين داخل البناء المعرفي النفسي بمعنى أن هناك ذكاء لا محدود بداخلنا ويجب علينا أن نؤكد على الازدياد من المعرفة، وسبيلنا إلى ذلك لا يتكامل إلا من خلال تنوير الباطن، فالوعي واللاوعي وجهان لعملة واحدة ومن هنا كنا وما زلنا نؤكد ان الدعاء هو المنبع الذي ينير باطننا لتحقيق المعارف والتطور بكل أبعاده، ولذلك يمهد الدعاء السبيل بشكل دائم لكل ما يبدو مستحيلا ويشفي كل ما نراه احيانا غير قابل للشفاء أو حالة ميؤوس منها.
هناك اعتقاد خاطئ لدى الكثيرين، اذ يعتقدون أن هناك قوتين في العالم إحداهما تجلب النجاح والأخرى تستدعي الفشل وإحداهما تستحضر السعادة والأخرى تبحث عن الحزن.
ولكن اعلم أنه ليس هناك سوى قوة واحدة وقلبك هو الذي إذا استنار بتلك القوة فإنه سوف يكتسب المعرفة بذاته والثقة بها وسيتوقف عن الصراع واستنزاف طاقته.
بإمكانك من خلال الدعاء تغيير عقلك الباطن بإعادة تشكيل الأفكار والعادات الخاطئة في حياتك.
إنك تتواصل أثناء الدعاء مع عقلك الباطن وعندما تدخل أنماطا عقلية جديدة الى عقلك الباطن من خلال الدعاء فإن الصورة الجديدة ستطمس معالم الماضي وتمحوها.
يجب ألا نتوقف عن التفكير البناء أبدا لأن ذلك التفكير الذي يغلفه الحب والإيمان هو سبيل النجاة لإنسانيتنا ضد من يريد أن يعيدنا إلى التحجر والتوحش.