كل واحد منا يرى نفسه الأفضل، فيغتر بنفسه وقد يصل به الحال لأن يتعدى على غيره ويتعالى عليه، زاعما أنه خير منه وهذا هو المرض الفتاك الذي إذا تمكن من الإنسان دمره بشكل كامل، وإذا أراد الإنسان أن يكون إنسانا خيرا فلا بد أن يعلم أنه لتحديد الأفضل معيار أخلاقي منضبط لكي لا تنتشر المفاهيم المعكوسة وليكون كل شيء في نصابه السليم ولتعود المياه إلى مجاريها الصافية، وقد بين قدوتنا الكبرى ونبينا الأعظم صلى الله عليه وسلم الأفضل من كل شيء وفي كل شيء، فقال إن أفضل الأعمال بعد الإيمان التودد إلى الناس، وأفضل الصدقة إصلاح ذات البين، وأفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت، وأفضل المؤمنين إسلاما من سلم المسلمين من لسانه ويده، وأفضل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وأفضل الأعمال الكسب الحلال، وأفضل الصدقة أن يعلم المرء علما ثم يعلمه أخاه وصدقة اللسان لأنه تحقن به الدهاء وتدفع به الكريهة وتجر المنفعة، وأفضل العمل الصلاة على ميقاتها ثم بر الوالدين ثم أن يسلم الناس من لسانك، وأفضل أعمال أمتي انتظار فرج الله، وأفضل الناس من تواضع عن رفعة وزهد عن غنية، وأنصف عن قوة وحلم وعن قدرة، وأفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر، وأفضل العمل النية الصادقة، وأفضل الناس عند الله منزلة وأقربهم من الله وسيلة المحسن، وأفضل الناس أنفعهم للناس، وأفضل المعروف إغاثة الملهوف، وأفضل الخلق أقضاهم بالحق وأحبهم إلى الله أقولهم للصدق، وأفضل الحكمة معرفة الإنسان نفسه ووقوفه عند قدره، وأفضل الملوك سجية من عم الناس بعدله، وأفضل القلوب قلب حشي بالفهم، وأفضل الناس من شغلته معايبه عن عيوب الناس، وأفضل الناس رأيا من لا يستغني عن رأي مشير، وأفضل ما من الله به على عباده علم وعقل وملك وعدل، وأفضل الصدق الوفاء بالعهود، وأفضل من اكتساب الحسنات واجتناب السيئات، وأفضل سبب كف الغضب والتنزه عن مذلة الطلب، وأفضل الناس عقلا أحسنهم تقديرا لمعاشه وأشدهم اهتماما بإصلاح معاده، وأفضل طبائع العقل العبادة وأوثق الحديث له العلم وأجزل حظوظه الحكمة، وأفضل ذخائره الحسنات وبهذا تنطق الحكمة لأن الأخذ بيد العاثر من أفضل الفضائل.