السعادة موضوع مهم دائما لأنها غاية الغايات التي تحقق للإنسان ما يبتغيه في رحلته بهذه الحياة، لذلك أيضا من الصعب جدا تحديدها.
لكن ما دامت هي الغاية المنشودة منذ الأزل فلابد أن نكثف جهودنا للبحث عنها، إلا أن هناك من الحكماء من يرى أن البحث عن السعادة بحث فاشل لذلك ينبغي ألا نبحث مطلقا عن السعادة، لأننا سنكون قد أقررنا على أنفسنا بأننا غير سعداء في وقتنا الحاضر، وذلك يعني أيضا أننا نستهين بوجودنا الحاضر وباللحظة الراهنة التي كان ينبغي أن نغتنمها ونرتضيها بشكل إيجابي.
إننا عندما نبحث عن السعادة ننطلق من سخطنا وغضبنا وحزننا ونتخيل أننا سنلاقي السعادة في مدينة مصنوعة من الجمال، لكننا نتناسى أنها مدينة لا توجد إلا في الخيال وحكايات الف ليلة وليلة.
إن ما نحتاجه في حياتنا في الحقيقة هو الشعور المليء بالسرور والابتهاج والرضا والسلام الروحي الباطني ومن ثم الوعي بهذا الشعور وهنا تأتي السعادة لتعبر عن امتزاج الشعور بالعقل الواعي، وهنا يكمن جوهر الإنسان لذلك فإن الإنسان الذي يجد جوهر وجوده وغايته هو الذي يجد السعادة.
إننا نحتاج في رحلة بحثنا إلى مرفأ السعادة أن نصبح رفاقا مع لحظاتنا الآنية، رفاق ود ومحبة، فالآن أو الحاضر هو الحياة الحقيقية برمتها، أما الماضي فذكرى ميتة والمستقبل لم يأت بعد.
إن العيش في الآن فقط سيساعدنا على أن نفهم حجم النعم والخيرات التي نمتلكها وهذا يولد طاقة إيجابية اسمها الشكر والامتنان، وما دمنا نشكر فإننا نرى كل صنع الله جميلا.
إننا في وقت محنة لكن مع كل محنة وشدة منحة وحكمة ويسر، فإذا نظرنا إلى العالم الراهن فسنعلم ان الوباء قد جعله يدرك أخطاءه، لكن هل يتداركها بالفعل؟ هل سيتقبل التغيير أم لا؟ هل أدركنا نحن حاضرنا أم مازلنا نتعالى عليه؟
نحن كلنا أمام تحد حقيقي واحد ولابد لنا أن نتوقف عن تزييف ذواتنا وتجميل ظواهرنا دون بواطننا، كما يجب أن نتجلى بجوهرنا الأصلي، جوهرنا المصنوع من وعينا بالآن وبالذات، لذلك حذار حذار من نوم اليقظة في زمن الكورونا القاتلة.