بات من الواضح أن العالم قد عجز عن إدارة أزمة الفيروس الجديد والسبب يكمن في معضلة لافتة للاهتمام وهي أن بعض الساسة ما زالوا ينظرون من ثقب الباب، فهم لم يدركوا إلى الآن حجم الخسائر المشتركة بينهم وبين منافسيهم في هذا المنعطف العالمي الحرج كما انهم ما زالوا يستهدفون بعضهم بعضا لتوطيد سلطتهم دون أن ينتبهوا إلى أن الوباء لن يبقي لهم شيئا يمارسون عليه هذه السلطة التي يتهافتون عليها، وفي الحقيقة فإن الأوان قد جاء لتقف شعوب العالم أمام الحروب وكل ما يهدد الحضارة الإنسانية.
لقد وصلت الأزمة إلى مداها فباتت تهدد أسلوب حياتنا وكرامة الناس، فالاقتصاد يعيش أزمة متسارعة قد تقلب الدنيا رأسا على عقب، ناهيك عن الأزمة النفسية التي قد تفتك بكياننا العالمي وتفتت الروح الإنسانية من الداخل.
عالمنا يحتاج منا شيئا من إدراك حجم المسؤولية التي تستدعي النزاهة والشفافية وقول الحق وتقبل الحريات الإنسانية والابتعاد عن الأنانية والاحتكار والأمثلة الواقعية كثيرة تمتلئ بها صفحات التواصل الاجتماعي ومنصاته. يجب على أصحاب القرار السياسي رسم خارطة محددة للعمل الجاد محسوب العواقب والتعايش مع معطيات واقعية وبذل الجهد من أجل تكوين ثقة متبادلة بين المواطن والدولة لوضع النقاط على الحروف، وأخيرا أؤكد أن الدول بشعوبها تحيا وتتطور وبالحريات تتألق.
وأود هنا أن اسجل ملاحظة في حق البعض ممن لم يقدر أوضاعنا ولم يحتــرم قوانين دولتــنا ذات الســـيادة الكاملة رغم كل ما قدمناه لهـــم مـــن حب وعــون بلا منّ ولا أذى، فلـقد كان الأجدر بهـــم أن يقابلوا ذلك بمودة وأدب بدلا من الإساءات، فإن الشعوب الإنسانية كلها في قارب واحد وتواجه عدوا واحدا أما دولتنا فلم تطبق إلا ما يمليه الضمير الإنساني عليها والتعاون مطلوب أخلاقي دائما وأبدا.
يجــب علينا جميعا أن نرفع رؤوسنا ونخرج من الكهف، كهف الخوف والقلق والتوتر، لكن ذلك لن يكون إلا عندما نصل إلى أقصى درجات المسؤولية وأدب الأخلاق واحترام القانون عندئذ فقط نخرج لبناء الحياة من جديد ولو ظل «كورونا» بيننا.