الأُخوّة قيمة نحتاجها اليوم لبناء ما تصدع من عالمنا وهي لا يمكن الاستغناء عنها، ولقد أرسل بها الرسل والأنبياء، إذ يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد فائدة الإسلام مثل أخ يستفيده في الله». لذلك فإن للأخوة بهذه المكانة جوانب عظيمة وأبعاد مختلفة يراد للمؤمن أن يحيا بها مجسدا في علاقاته أسمى صور الكمال.
وليس اتخاذ الإخوان أمرا هامشيا أو ترفا اجتماعيا، بل هو منهج حياتي ضروري للعيش بسلام مع مراعاة موازين الإخاء وسلوك الطريق الصحيح في الاختيار، إن الأخوة تؤدي إلى اكتساب ثمار جميلة في الدنيا وفي الآخرة أيضا، فلقد قال نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم): «استكثروا من الإخوان فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة». إن من أجمل ما في التآخي انه يخلق جوا بهيجا من السكينة والاطمئنان وراحة البال فعن الإمام الصادق (عليه السلام): «لكل شيء يستريح إليه وإن المؤمن ليستريح إلى أخيه المؤمن كما يستريح الطير إلى شكله». ومن منا لا يرغب في هذه الراحة التي لو لم يكن للأخوة فائدة غيرها لكفت وأغنت، فكيف إذا كان لها من الثمرات ما لا يمكن عده وإحصاؤه. كما ورد في الحديث النبوي: «من استفاد أخا في الله عزّ وجلّ استفاد بيتا في الجنة».
إن للأخوة الدينية دورا رائدا في بناء الشخصية المؤمنة، حيث تعينها على التحلي بمجموعة من الفضائل وتشعرها بمسؤولية ولو على نطاق خاص انطلاقا من معرفة ما لها من مدلول وعمق في الإسلام، فيعرف الإنسان قدره من خلال معرفة قدر أخيه وما له من حق عليه.
إن الالتزام بآداب راقية في العلاقة مع الآخرين يخلق أجواء من التكامل الإنساني ويساهم في إنتاج صورة متكاملة ومسلك مستقيم لدى الإنسان لا شك أن أول المستفيدين منه هو الإنسان نفسه الذي ان بقي على ما بدأ به من عمل صادق حقيقي فإنه سيخلف ذكرا حسنا وسمعة طيبة وسعادة دائمة، ولا ينقطع ذلك الخير العظيم عمن وصف بأنه أخ حقا وصدقا لأنه أقام حدود الأخوة وراعى حقوقها والتزم آدابها، والأخوة ليست نجاحا بسيطا، بل انها مجموعة مركبة من نجاحات تتوالى في الحياة، نجاحات ذات ألوان متعددة وفي مجالات أخرى ربما اتسعت ميادينها إلى ساحة حياتنا الكبرى التي لا تعدّ ولا تحصى.