بعد يوم عمل شاق في الجريدة، وكر وفر بين الأوراق، وصراع طويل بين العناوين والمقدمات، كنت في احتياج شديد إلى نوم هادئ يريح الأعصاب، وما إن دخلت باب الشقة ونظرت إلى السرير من بعيد حتى منيت نفسي بالهدوء والاسترخاء والنوم والبعد عن الضوضاء وما هي إلا دقائق معدودة، وكنت في عداد الناااااائمين، ولكن.. ـ وما أدراك من كلمة لكن هذه وما يأتي بعدها في الأغلب من كوارث غير طبيعية ـ تسلل إلى آذاني ليبدد أمنياتي بنوم هادئ، فمددت يدي في تكاسل وتراخ شديدين لأرد دون أن أفتح عيناي لرؤية من يتصل بي في هذا الوقت المتأخر بعد أن تجاوز الليل منتصفه، فدخل إلى أذني صوت يصرخ ويقول: آلو، في بادئ الأمر لم أرد، لأنني كنت أريد معرفة هوية المتصل كما هالني وأفزعني علو صوته دون سابق إنذار.. فكرر صوته العالي مجددا: آلو.. أحمد.. أحمد.. أنا (.....) وعرفت أنه أحد أصدقائي الصحافيين الذين لم أسمع صوتهم منذ شهور عديدة، فسلمت عليه وصوتي بالكاد أسمعه، فواصل حديثه بنفس نبرة الصوت التي كادت أن تقتلع طبلة أذني: يا أحمد حرام عليكم.. ليه كل الهجوم دا على الإسلاميين.. إيه الخبر دا اللي منزله عن ممدوح إسماعيل؟ الراجل مقلش حاجة من اللي انت نشرتها في الجريدة، والله العظيم مقلش إن الشعب قليل الأدب.. اضطررت أن أقاطعه قائلا: يا صاحبي.. يا صديقي دي كل المواقع الالكترونية معترف بيها أو مش معترف منزلة الخبر.. أنا مشوفتش حلقة البرنامج بتاعته اللي قال فيها الكلام ده للأسف.
فرد: حرام الهجوم من الليبراليين وغيرهم على الإسلاميين، أنا بقى شوفت الحلقة ووالله دي المتصلة (الـ....) هي اللي غلطت وهو كان ساكت و..قبل أن يبدأ جملة جديدة قلت له: يعني الليبراليين مش إسلاميين يا عزيزي؟! بلاش التسميات دي كلنا مصريون سواء سلف ولا إخوان ولا ليبراليين أو غيرهم كلنا إسلاميون ومسلمون.. مش كده، وبعدين زي ما قولتلك كل المواقع الالكترونية منزلة الخبر، مش موقع واحد ولا اتنين، وأشكرك يا سيدي على التنويه ده.
بعد هذه المكالمة التي كان يدافع فيها صديقي بشدة عن ممدوح إسماعيل النائب الذي قام برفع الأذان أثناء إحدى جلسات مجلس الشعب والذي كان منذ يومين على شاشة إحدى القنوات الفضائية وأخطأ في حق الشعب المصري كافة وقال عنه: قليل الأدب، طار من عيني النوم تماما، وأصررت على القيام من على سريري وفتحت جهاز اللابتوب، وبحثت على اليوتيوب حتى وجدت تسجيلا للحلقة التلفزيونية التي شاهدها صديقي ولم أرها لأعرف إذا كان فعلا أخطأ النائب أم لم يخطئ فوجدت الآتي: النائب ممدوح إسماعيل، كان ضيفا على برنامج، بجانب النائب السابق علاء عبدالمنعم، والكاتب الصحافي عبدالله السناوي، ولم يتمالك نفسه وثار غاضبا واتهم القائمين على البرنامج بأن الاتصالات التي يتلقاها البرنامج مدبرة، الامر الذي دفع مقدمة الحلقة الى القسم بأن الاتصالات حقيقية ولا دخل لهم بها، لكنه أعاد الاتهام مجددا بعد استقبال الاتصال الثالث التي قالت صاحبته: ان البرلمان لم يفعل شيئا سوى مناقشة أمور غير مجدية مثل «مضاجعة الازواج»، فقاطعها «إسماعيل» بانفعال قائلا: «عيب عليكي.. احترمي سنك»، وقام بسب كلامها ودخل في جدال حاد مع الضيفين في الاستديو، انتهى بقول النائب علاء عبدالمنعم: «إنت نائب الشعب، دع الشعب يعبر عن رأيه»، فرد «إسماعيل» قائلا: «ولما الشعب يقل أدبه؟ وزاد إسماعيل قائلا: اتنين يحششوا وينشروا كلام في الجورنال «يقصد ما نشر عن مناقشة البرلمان لقانون مضاجعة الأزواج بعد وفاتهم» فقاطعته مقدمة البرنامج ان هذا الكلام لا يصح كما أنه لا يصح أن يسب المتصلة.
أقول لصديقي العزيز الذي اتصل بي غاضبا وكذلك كل من يؤمن برأيه، ليس هناك فرق بين مصري ليبرالي وسلفي وسني.. و.. وكلنا مصريون. كما أنه لا يوجد شيء اسمه إسلاميون فكلنا إسلاميون، لكن هناك من يتاجر بالدين، ويحاول التكسب من ورائه، كما أنه لا يوجد من هو فوق الأخطاء، نائبا كان أم وزيرا فكلنا بشر يخطئ ويصيب، وليس لكون النائب سلفيا فهذا معناه أن يكون فوق مستوى الشبهات..وشكرا على اتصالك.
[email protected] - [email protected] - @masri77