لن أقول إني محبط لإفراز المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية مرشحين لا يعبران عن الثورة المصرية وهما مرشح الإخوان المسلمين د.محمد مرسي، والآخر الفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء للرئيس السابق محمد حسني مبارك، ولكني أقول اني فخور بالمرشح الذي اختارته جماهير عريضة يربو عددهم على الـ 5 ملايين ناخب وأنا منهم، نعم اني فخور به، خاصة انه حتى كتابة هذه السطور لم تصدر أي نتائج رسمية من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية المصرية للمرحلة الأولى، وقد تظهر هذه النتائج انه سيخوض جولة الإعادة كما قال مركز «جيمي كارتر» الرئيس الأميركي الأسبق الذي راقب الانتخابات.. انه حمدين صباحي.
ولا أميل ايضا لمن يقول ان الثورة قد فشلت، لأنها إذا كانت قد فشلت فكيف حصل صباحي على أصوات الملايين الخمسة؟ كيف استطاع ان يتسلل الى عقولهم والى قلوبهم؟ كيف اقتنعوا به؟ وكيف أحبوه؟ ببساطة انه واحد من الشعب وجدوا فيه الأمل الذي يبحثون عنه للخروج من الظلم والطغيان والفقر الذي عاشوه منذ عشرات السنين، لم يغازل بطونهم ولا جيوبهم بالرشاوى الانتخابية بل وجدوا فيه ابنهم وأخاهم وأباهم الذي عاشوا ينتظرونه طويلا ليعبر عنهم.. نعم انه القائد الذي بحثنا عنه منذ بداية ثورة 25 يناير المجيدة فلم نجده.. وعثرنا عليه أخيرا، فإذا قدر الله له أن يكون في جولة الإعادة بعد صدور النتائج النهائية فهنيئا للشعب المصري به، أما إذا لم يحدث فأيامه قادمة، وقدّر الله وما شاء فعل.
أما لمن ينادي بالتصويت لمرشح الإخوان محمد مرسي، ويروج له بأنه مرشح الثورة، فأقول له متسائلا: اي ثورة التي تتحدث أن مرسي مرشحها بالله عليك؟! هل تقصد ثورة 25 يناير التي أطاحت بمبارك؟! بالتأكيد لا، فإن الإخوان أنفسهم عندما طرحوه لم يقولوا عنه انه مرشح الثورة، بل كانوا شديدي الصراحة مع أنفسهم ومع المجتمع وقالوا: مرشح «الحرية والعدالة» أو المرشح الاحتياط، فكيف تريد إقناعنا بأنه مرشح الثورة؟! أي ثورة التي يندبها الإخوان الآن؟ هل هي ثورة يناير؟ بالتأكيد لا، لأنهم والتاريخ يشهد أنهم الذين جلسوا مع عمر سليمان يوم 29 يناير في أوج غليان الشعب المصري في ثورته والشباب يقتل ليبحثوا عن مكاسب سياسية دون النظر لأي اعتبار آخر، وبعد ذلك كانوا أول من أقنع الشعب بالموافقة على الاستفتاء رغم معارضة الثوار له وها نحن نعيش في دهاليزه وآثاره السلبية حتى الآن، انهم أول من هرول الى صناديق الاقتراع في البرلمان ليأخذوا الأغلبية، انهم أول من قال للثوار في موقعة محمد محمود: إن الجنزوري رجل لطيف ونزيه واتركوه ليشكل حكومته حكومة الإنقاذ، ثم عادوا ليكتشفوا أنهم على خطأ والثوار على حق وطالبوا بإبعاد الجنزوري ولكنهم لم يقدروا على ذلك حتى الآن، كانوا في موقع المسؤولية على كراسيهم في البرلمان ورأوا بأم أعينهم الثوار يتساقطون بالعشرات بالرصاص في موقعة محمد محمود وكذلك أمام ماسبيرو ولم يفعلوا شيئا سوى ان قالوا للثوار: الثورة أتت ثمارها فماذا تفعلون؟ لم يخجلوا وهم يرون سحل الفتيات، بل قالوا: لماذا خرجن من بيوتهن؟!
لا تقنعني يا سيدي بأن مرسي مرشح الثورة، ولن أصدق ما ينادي به الآن وبما يطرحه من ان هدفه هو الثورة بل طالب بأن نصوت لمرسي في وجه رجل من النظام السابق وهذا حقك،، وفي الوقت نفسه لا أقول ان الفريق أحمد شفيق هو الذي سينقذ الثورة كما يزعم من الاختطاف؟! بربك يا فريق شفيق هل أنت الذي ستنقذ الثورة من براثن الاغتيال؟ كيف ذلك؟!
نعم، لنا الله في هذه المحنة التاريخية الرهيبة، هل يظن شفيق اننا سنقتنع بانه سيأخذ بأيدي الثوار ليحكموا؟ كيف بالله عليك ستفعل هذا؟ هل ستذهب الى ميدان التحرير وتقول للتاريخ ارجع للوراء وتمنع موقعة الجمل من الحدوث؟ موقعة الجمل التي حدثت في عهدك وانت مسؤول عنها تماما ولو سياسيا بحكم كونك رئيسا للوزراء وقتها وقلت انك لا تعرف عنها شيئا وظننت أن الجمال ذاهبة الى ميدان التحرير لترقص هناك، نعم انها رقصت يا فريق شفيق ولكن رقصت على أجساد الشهداء بعلمك وبمعرفتك.
خلافنا معك يا فريق أحمد شفيق ليس سياسيا فقط لكونك أحد رجالات نظام مبارك لسنوات كثيرة وانما ايضا أخلاقي لكونك مسؤولا عن دماء عشرات الشهداء، لن أقول كما قال هشام الجخ «همشي ويا الشحاتين وأبكي على حلمي اللي تاه.. بس مش هشحت رغيف.. هشحت وطن لله»، وانما سأقول: (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون)، لن اضطر الى الاختيار المر بين شفيق ومرسي وانما سأنتظر مرشحا يعبر عن الثورة.. لا من يتاجر بها.. وحفظ الله مصر.
[email protected]
masri77@