على الرغم من أهمية الدور المفترض لسلطة المحافظ في محافظته، وتعزيز مبدأ اللامركزية في اتخاذ القرارات الحكومية، لاسيما ما يتعلق منها بالمناطق التابعة لها، إلا أن المواطن يتطلع إلى تفعيل دور المحافظ من خلال تفعيل المرسوم 81/ 2014 الذي رسم خارطة طريق لعمل المحافظين وخولهم بعض الصلاحيات، ولكن وللأسف لم نر أن تلك السلطة تأخذ أبعادا جدية في تحويل بعض صلاحيات الوزراء إلى المحافظين التي لا تزال معطلة حتى كتابة هذه السطور.
وحقيقة الأمر أن الحكومة قد عطلت صلاحيات المحافظين التي نص عليها المرسوم السالف الذكر، بل وأفرغت محتواه في الكثير من الأحيان نتيجة لتفردها بصناعة القرارات وفرضها على المحافظين من خلال تحجيم مسؤولياتهم الحقيقية في التطوير والتحديث والمتابعة لمحافظاتهم حيث إنهم أدرى بشعابها.
ومن يطلع على آلية عمل المحافظات الكويتية كالصرف على المشاريع الخدمية والإنمائية بل والمصروفات العامة للمحافظات وهيمنة الحكومة على قرارات الصرف يدرك أن عملها هذا يتناقض مع روح المرسوم الذي خول المحافظين التصرف في الميزانيات الخاصة بها وفق رؤية تشاركية بعيدا عن قرارات السلطة التنفيذية الملزمة في هذا الشأن.
ولو نظرنا قليلا إلى بعض الدول لاسيما المتقدمة منها لرأينا ان المحافظ في تلك الدول يتمتع بصلاحيات واسعة في مختلف المجالات وذلك من شأنه ان يعزز مبدأ اللامركزية في صناعة القرار من خلال المشاركات الشعبية.
إن التحديث والتطور في مختلف المحافظات لن يتأتي إلا من خلال العمل على تفعيل الدور الحقيقي للمحافظين لاسيما انهم بلا منازع هم الأقرب إلى فهم الواقع الخدمي والاقتصادي والاجتماعي لمناطقهم وسيكون ذلك اللبنة الصحيحة للارتقاء بالمحافظات إلى مصاف متقدمة.
الإصلاح الذي تنادي به الحكومة ليل نهار لن يتحقق ما دامت تنتهج سياسة غير واضحة في رؤيتها وتعاملها مع الأجهزة التي انبثقت عنها، ومتى ما أدركت دورها وابتعدت عن نهجها المتعمد في عدم توزيع الصلاحيات وتفعيل اللامركزية، عندها ستكون الحكومة قد أشهرت سيف الإصلاح الحقيقي في مواجهة أعدائه.