كعادته يملأ بنك الكويت الوطني الدنيا ويشغل الناس بدعاياته المبتكرة في الأعياد الوطنية مثل دعايته #هذاـهوـالكويتي «كما انتشر وسمها على «تويتر»، وفعلا جاء محمد نبيل جعفر، المليونير الجديد والرئيس التنفيذي لشركة «طلبات» لتوصيل طلبات المطاعم ليعبر عن نموذج الشاب الكويتي، بعد أن بدأ في مفاوضات بيعه شركة «طلبات» بصفقة قد تصل إلى 170 مليون دولار، وهو رقم ضخم لشركة كويتية حديثة عمرها 10 اعوام وتعمل عبر الإنترنت. في الواقع، إنها صناعة جديدة وفرصة وجدها المبادر محمد على مساحة افتراضية، وقرر أن يأخذ المخاطرة ويفكر بشكل مختلف «لماذا لا يصنع ثروة بغير الأسهم أو العقار أو الانتظار في طابور طالبي الوظائف الحكومية».؟ وبضربة واحدة، قرر جعفر بيع حصة كبيرة في استثماره، ليأتي الحصاد بعد أقل من 5 سنوات (استثمر في الشركة عام 2010) ، تاركا صورة جديدة عن الثروة والربح والتفكير بطريقة خارج الصندوق في الاستثمارات الحديثة.
وأمس كثر الحديث عن الرقم، وشكك كثيرون فيه، ورغم أن المبلغ كبير، لكنه ليس موضع البحث هنا. فالصفقة ستتم في غضون أسبوعين، ومهما كان المبلغ فسيكون مليوني بلا شك، ويترك المشككين، خصوصا من رجال الأعمال التقليديين، أمام حسرتهم، بعد أن راهنوا فقط على البورصة والعقار، وبقوا كل حياتهم يخسرون ويربحون ويكررون الأخطاء نفسها، وما أزمات الأسهم الا دليل على ذلك، أما في العقار فإن جل عملهم هو شراء ارض ثم بيعها، وبناء بناية وتأجيرها. ولا شك أن هذا التشكيك ظهر الآن تماما كما ظهر ببداية المشروع، عندما قال كثيرون لمحمد «ستفشل.. التجار لن يتركوك تعمل.. انت تحلم»، وكثير من عبارات الإحباط، لكن محمد اخذ طريقا آخر ونجح وربح. اما الأهم فيما فعله المليونير الجديد، فإنه أعطى درسا آخر للمنظرين الحكوميين عن كيفية تغيير التفكير القديم في تنويع الاقتصاد، وهي اللازمة التي تتردد في كل الخطابات الحكومية ومن القطاع الخاص التقليدي من دون اعطاء وصفة لكيفية تنويع الاقتصاد، وما الدور الذي يمكن أن يعمل من خلاله الشباب الجدد والصناعات المستقبلية.
وقبل أيام، تمت الموافقة لشركة ibm على فتح فرع لها في الكويت، وهي خطوة ممتازة لبدء التفكير المستقبلي ولما بعد النفط، حيث يعتقد كثيرون أنه يمكن للدول الخليجية أن تنوع اقتصادها بصناعات تكنولوجية وبصناعات على الإنترنت وبتطبيقات على الموبايل، وما نجاح بعض الشركات مثل طلبات، توصيل.كوم، «شيل.كوم»، for sale، وغيرها إلا نماذج أخرى لما يمكن فعله على الويب. ووسط وجود عدد هائل من الشباب في الاقتصادات الخليجية، يشكلون نسبة 60% من اقتصادات المنطقة، ويعتبرون قوة تنافسية لهذه الاقتصادات، ومعظمهم يدركون التحولات العالمية ولديهم موبايلات ذكية ويتواصلون مع العالم بتويتر (الكويت بين الأعلى عالميا باستخدام الأفراد لتويتر)، فإن التنويع يمكن أن يكون هنا في صناعات تكنولوجية وانترنتية والاستثمار في الشباب في هذه الثروة النامية، بدل البحث عن طرق تقليدية لا يبدو أنها تجدي نفعا بعد الآن.