المقابلة التي أجرتها «الأنباء» أمس مع رئيس مجلس مفوضي هيئة اسواق المال المدير التنفيذي د.نايف الحجرف بينت أن القطاع المالي الكويتي يعيش مرحلة جديدة، قد تظهر نتائجها في السنتين المقبلتين، وهما عاما الوعد الذي قطعه الحجرف بأن يغير فيهما البورصة جذريا، وهو وعد ليس سهلا في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البورصة. لكن، وكما يقول من عملوا مع الحجرف عن قرب، انه يتمتع بصفات قيادية للتنفيذ السريع والانجاز بموعده، وهي صفات تحتاجها الاسواق الديناميكية، فسبق أن وضع الحجرف فريق الهيئة بكامله تحت ضغط انجاز اللائحة التنفيذية لقانون الهيئة لتنتهي من دون تأخير يوم واحد، وهو الآن يضعه تحت ضغط انجاز التغيير في مايو 2017، كما وعد.
في الواقع، ان لدى الهيئة، وكما كشف الحجرف في مقابلته، رؤية واضحة لما ستكون عليه البورصة مستقبلا، هناك استراتيجية بالتواريخ تترجم هذه الرؤية، وأهداف مرحلية وطويلة الأجل، ومهمات موكلة للادارات في الهيئة وحتى الأشخاص الاعتباريين المُراقبين والخاضعين لشروطها، فقد وضع تواريخ محددة لإنجاز خصخصة البورصة وزيادة رأسمال الشركات غير المستوفية ومشروع صانع السوق وتنظيم عمل شركة المقاصة، وغيرها من الشروط الخاصة بتطبيق الحوكمة للشركات المدرجة. وان وجود رؤية واستراتيجية وأهداف ومهمات، هي من أبرز سمات المؤسسات الناجحة اليوم.
انها، ربما، مرحلة ستكون مختلفة عن مرحلتين عاشتهما البورصة الكويتية في الـ 13 عاما الماضية، الاولى مرحلة الذروة في ادراج الشركات التي بدأت مؤشراتها في العام 2002، حيث دخلت السوق نحو 84 شركة حتى العام 2006، وكان العام 2005 وحده هو عام الادراج القياسي بدخول 32 شركة، وسمى البعض هذه المرحلة بـ«فوضى الادراجات» و«تفريخ الشركات»، بينما اطلق عليها آخرون «مرحلة الانتعاش»، لكن سرعان ما ظهر لاحقا أن معظم هذه الشركات كانت عبارة عن ورق أطاح بأموال المساهمين والمستثمرين، ومازال الاقتصاد والبورصة يعانيان منها حتى الآن. وجاءت المرحلة الثانية التي قادها صالح الفلاح في العام 2006، وهي عكس الاولى تماما، فبعد فتح الباب على مصراعيه لمن هبّ ودبّ لدخول السوق، جاءت المرحلة الثانية لتضبط الايقاع وتوقف الادراجات العشوائية، التي لعبت دورا لاحقا من تخفيف حدة أزمة 2008، حيث كانت هناك عشرات من طلبات الادراج المنتظرة لأوراق أخرى بلا قيمة. واستمرت هذه المرحلة حتى انتقال الفلاح الى هيئة أسواق المال في 2010، حيث نقل معه نموذج العمل المغلق، كما وصفه وقتذاك القطاع الخاص المعني بالبورصة.
وفي المرحلتين، الاولى والثانية، كانت هناك دائما اتجاهات معاكسة، مرة مع أهل السوق، ومرة ضده، ولا يبدو أن تصوراً كان واضحا في الحالتين لمن يفترض فتح الباب أو اغلاقه. وربما تكون مرحلة الحجرف اكثر وضوحا واستقرارا، حيث اعلن في مقابلته ان أحد أهم اهداف الهيئة ادراج الشركات العائلية والنفطية، لأنها شركات ذات قيمة مضافة للسوق، وهو أول الغيث بأن المقبل لن يكون من ورق، ولن يكون «معاهم معاهم..عليهم عليهم»، بل هي مسطرة القانون التي ستحكم العلاقة كما قال الحجرف. يبقى الورق المتواجد في السوق الآن، الذي يحتاج من الهيئة الى مواعيد لإخراجه.
boumeree@
[email protected]