وأخيرا، جاء الخبر اليقين بإعلان بيت التمويل الكويتي عن دعوته امس بنك الأهلي المتحد البحريني لتوقيع اتفاقية دراسة إمكانية الاندماج بين البنكين. الخبر المنتظر منذ نحو عامين اصبح اليوم مسارا، لكن الاندماج لن يكون سهلا ولن يتم بين ليلة وضحاها، فقد يحتاج وقتا طويلا لتنفيذ الاندماج ورؤية كيان مصرفي جديد يتوقع ان يكون بين الأكبر خليجيا بأصول تصل لنحو 90 مليار دولار.
فالوقت الآن للفحص النافي للجهالة وللاتفاق على تفاصيل المعدل العادل لتبادل الأسهم بين مساهمي البنكين، وتحويل عمليات الأهلي المتحد الى إسلامية وغيرها من التفاصيل التي تحتاج الى مدة لن تقل عن عام وقد تصل لعامين.
المهم الان أن هناك نوايا جدية ومعلنة لدى الطرفين في الاندماج، وان الملاك الكبار في الجهتين هما على خبرة طويلة في العمل المصرفي والاستثماري، وسيتفقان على السعر بشكل علمي وعادل ولن يقفا أمام التفاصيل. فالقطار انطلق الآن وما بعده سيكون ظهور كيان عابر للقارات وليس مجرد اندماج كويتي ـ بحريني.
فبيت التمويل الكويتي واحد من أكبر المصارف الإسلامية في العالم، ويبلغ رأسماله 634 مليون دينار (1.9 مليار دولار) ويمتلك بنوكا في تركيا وألمانيا والبحرين وماليزيا. في المقابل، يبلغ رأسمال مجموعة البنك الأهلي المتحد البحريني 1.9 مليار دولار ولديها وحدات تابعة أو زميلة واستثمارات في بريطانيا ومصر وليبيا والعراق وسلطنة عمان والكويت. أي أن «بيتك» الجديد سيصبح بنكا يمتد من الكويت، فالخليج ثم اوروبا وآسيا، ولك ان تتوقع حجم قوة بنك اسلامي بهذا الامتداد والفرص التي سيفتحها للمستثمرين وعملائه في كل هذه الدول.
يبقى ان يتحرر البعض من عقد المؤامرات ووضع العراقيل، فالأرقام وحدها تتكلم في عالم البزنس، وفي ظل الكيانات المصرفية الضخمة لم يعد ممكنا البقاء في «الفريج» والتحلطم أمام كل التحولات في عالم المصارف العالمية.
فمنحى السنوات الماضية واضح في ظهور كيانات مصرفية عملاقة اما عبر الاندماج او عبر الاستحواذ، ويحصل ذلك يوميا في الاسواق العالمية، وكذلك حدث في الامارات والسعودية، والكويت ليست استثناء. والتحديات اليوم اكبر امام البنوك المحلية، فالمصارف العابرة للقارات أصبحت تنافس البنوك في عقر دارها، اما بتواجدها بجانب العملاء من باب حرية الاسواق او بشكل إلكتروني حيث يمكنها تخليص معاملاته من بيته، والتقنيات الحديثة مكنتها من فهم العميل اكثر من البنوك المحلية الغارقة بفتح فروع قريبة منه شكليا، من دون ان تفهم احتياجاته الفعلية وتحولاته كعميل يريد اختصار الوقت والجهد والحصول على خدمة سريعة وإلكترونية.
لذا، صفقة الاندماج «بيتك ـ الاهلي المتحد» تأتي في سياق الواقع المصرفي الجديد الذي فرض معادلات الاندماج للبقاء والمنافسة. ولن تكون المهمة سهلة بعد الاندماج، حيث ينتظر ان يدخل «بيتك» عصرا مصرفيا جديدا في مسيرته الاربعينية، وهو المأمول من بنك بدأ كويتيا وأسس للعمل المصرفي الاسلامي وهو الان يطرق أبواب اسواق جديدة، سيرفع من خلالها اسم الكويت في عالم المال والاعمال.
@boumeree
[email protected]