كما كنت متوقعا جاء اعلان بيت التمويل الكويتي وبنك الاهلي المتحد البحريني عن سعر اولي لتبادل الاسهم في الاندماج المرتقب بين الطرفين عند 2.3 سهم من «المتحد» مقابل 1 سهم من «بيتك».
هذا الاعلان يفسر أن سهم بيتك يساوي اكثر من ضعف سهم «المتحد»، وهو أمر ينفي كل المزاعم التي تحدثت عن إمكانية وجود صفقة مبطنة في الاندماج لمصلحة ملاك هنا او أطراف هناك، وان الصفقة ستكون على حساب حملة اسهم «بيتك».
أما الآن فحقائق هذا الاندماج واضحة، وستجعل «بيتك» بنكا عابرا للقارات وستخلق كيانا مصرفيا جديدا سيكون بين الأكبر خليجيا بأصول تصل لنحو 94 مليار دولار.
لا شك ان «بيتك» اتخذ خطوة استباقية في سياق ما يجري في منطقة الخليج تحديدا من اندماجات ضخمة تحدث في الامارات وسلطنة عمان وقطر والسعودية، وآخرها قبل أسابيع قليلة مباحثات اندماج لخلق ثالث أكبر مصرف في الخليج بين بنكي الأهلي التجاري والرياض بـ182 مليار دولار، وقبلها كان اتفاق اندماج بين البنك الاول وبنك ساب، وايضا مفاوضات الاندماج بين بنك ابوظبي التجاري وبنك الاتحاد الوطني ومصرف الهلال.
وأهمية الاندماجات بالنسبة للبنوك ستتخطى سعر السعر وأهميته لمساهمي البنكين. فاندماج «بيتك ـ الاهلي» على سبيل المثال، سيمكن عملاءه من الحصول على خدمات تمتد من الكويت فالخليج ثم مصر فأوروبا وآسيا.
فبيتك متواجد في تركيا وألمانيا والبحرين وماليزيا، والاهلي المتحد متواجد في بريطانيا ومصر وليبيا والعراق وسلطنة عمان والكويت، يعني ان التكامل بين البنكين سيجعل اي مستثمر او عميل في «بيتك» لديه قدرة على التعامل في هذه الأماكن.
بالطبع، ان فكرة التعاملات العابرة للقارات ممكنة اليوم عبر بنوك عالمية عدة، لكن أهميتها بالنسبة لعميل «بيتك» انها ستخفض التكلفة، ستفتح له مجالات للتعامل مع بنك محلي يفهم لغته ويتواصل مع العالم. فالتكلفة المنخفضة هي التي تهم التاجر الكبير او الشاب المبادر الذي يريد شراء بضاعته من الصين وينقلها للكويت او ربما للعراق او تركيا ويبيعها هناك مستفيدا من فرق الاسعار، ويريد بنكا يوفر لهم تسهيلات سريعة وخدمة تحويل الاموال بتكلفة اقل لكي لا تضيع ارباحه وسط فروقات العملات وتكاليف الخدمات الوسيطة.
فمفهوم الاندماج عموما يرفع تنافسية البنوك، يجعل البنك المندمج قادرا على إعطاء خدمات بتكاليف اقل لعملائه، وإقراض بأحجام اكبر، اخذ مخاطرة اكثر ـ اي انه سيعطي فرصا اكبر للمقترضين للحصول على قروض بشروط مخفضة. الوضع نفسه سيكون للمودعين، حيث سيكون أمامهم فرص اكبر لوضع أموالهم في بنوك تابعة بأسعار تنافسية، لكن ذلك يبقى رهنا لاستراتيجية «بيتك» الجديدة بعد الاندماج.
بكل الحالات، ستكون هناك استفادة للعميل والمساهم والمودع بطريقة او بأخرى. و«بيتك» بخطوته نحو الدمج ادرك التحول الجديد في عالم المال والاعمال، خصوصا للشباب الخليجي الذي يملك السيولة لكن أمامه اسواقا ضيقة لا تمكنه من فتح مشاريع اضافية والربح منها.
لذا، ما يجري اليوم في «بيتك» هو حل لمشكلات في السوق، لكن ذلك يضع ادارة البنك امام تحديات جديدة لكي تترجم هذا الاندماج الى استجابة فعلية لحاجات السوق الكويتي كما هي للاسواق الاخرى.
اهم خطوة يمكن ان تبرهن على ذلك هي في دعم المشاريع الصغيرة بقروض تنافسية، وأخذ مخاطر اعلى في هذا السوق لان من الممكن ان تظهر افكارا ابداعية وتحقق ثروات ضخمة على غرار ما حدث مع «طلبات» و«بوتيكات» و«كاريدج».
الانحياز للمشاريع الكبيرة والاسماء الرنانة في عالم التجارة لإقراضها او لتسهيل خطوطها الائتمانية يجعل من مشاريع الاندماجات مجرد كيان اكبر يعمل بطريقة البنوك الأصغر التي تريد لقروضها ان تكون مضمونة مع عميل معروف يسدد قسط القرض اخر الشهر. لكن ذلك لن يغير شيئا في نمو اعمال البنوك او قدرتها على التفكير بطريقة مبتكرة لمشاركة المشاريع الناشئة في نموها وتطورها.
boumeree@
[email protected]