رغم الارتفاع النسبي للسيولة في بورصة الكويت بفعل عوامل دخول أموال أجنبية، ما زال هناك ضعف في تسويق إنجازات الشركات المدرجة، ما يحرمها من ارتفاع الأسهم أو تلقي سيولة على أسهمها بنفس حجم إنجازاتها.
ويخلط كثيرون بين تسويق الشركات والإنجازات، والأسهم من خلفها، وبين المضاربة على الأسهم، اذ يعتقد بعض مسؤولي الشركات أن تسويق الإنجازات قد يحمل في طياته شكلا من أشكال المضاربة على الأسهم بهدف رفع قيمتها، وهو خطأ تقني.
إن عدم التسويق لإنجازات الشركات يحرم الشركة أولا من تقديم نفسها بشكل صحيح للسوق، كما يحرم المساهمين والمستثمرين من معرفة ماذا يجري في هذه الشركة أو تلك، وينحصر الاهتمام في شريحة ضيقة على علم أو اتصال أو اهتمام خاص بسهم شركة ما.
والتسويق بحد ذاته فن بالإضافة الى كونه علما، لكن لا تهتم به كثير من الشركات أو تخلط بينه وبين الإعلان عن الإنجازات. فهناك كثير من الشركات تكتفي بعملية الإخبار عن مشاريعها مثلا بالاعلان عنها في وسائل الاعلام المختلفة، لكن لا يوجد اهتمام كبير بعملية التسويق بشكل كامل لإعطائها بعدا قد يفيد المهتم بالاستثمار في الأسهم.
فأغلب ما نشاهده اليوم لمعرفة ما تقوم به شركة ما هو الاعلان عن مشاريعها اما في وسائل الاعلام أو الاكتفاء بأسطر قليلة وخجولة على موقع البورصة من باب اجبارية الإفصاح المطلوبة من الجهات الرقابية. ويحتاج المستثمر الى جهد مضاعف لمعرفة ما يدور فعليا داخل الشركات، واذا ما تقوم به ينعكس فعليا على بياناتها المالية. وهناك كثيرون لا يستطيعون تفكيك الرموز المالية في البيانات المالية ويعتمدون على حاسة السمع (او حاسة الديوانية) التي غالبا لا تأتي بنتائج جيدة.
والإشكالية تقع بشكل أكبر عندما يبالغ البعض في الجرعة الإعلانية عن الإنجازات من دون وجود وقائع ملموسة.
والمستثمر يخاف عادة من الجرعة الإعلانية الزائدة أو من الوعود المستقبلية المبالغ فيها، فينفر من شراء الأسهم بدلا من ان يكون العكس.
والتسويق عملية شاملة تتضمن الإعلان كوسيلة إخبارية، لكنها تحتاج الى طرق فنية اخرى اذا ما أرادت الشركة عكس ذلك على سهمها. فمثلا، يصاحب عادة الإعلان عن الإنجازات اجراء مقابلات صحافية مع المسؤولين في الشركات لشرح كيف سيؤثر هذا الانجاز أو ذلك على السهم وما خطط الشركة الفعلية على ارض من دون تعليب الإجابات بأنماط لغوية أو تسويقية متكررة. ويفترض ذلك ان يكون المسؤول مقنعا وملهما أو ذا كاريزما خاصة صادقة لإقناع الناس، وهنا اشكالية اخرى تواجه عملية التسويق. والمسؤول الخجول أو الذي يخشى الظهور في الميديا، يكتفي بالإبلاغ عن انجازاته من دون ظهوره مستعينا بحملات العلاقات العامة، وهي جزء أيضا من عملية التسويق لكنها لا تشمل العملية برمتها.
وأغلب العلاقات العامة تكون مجهزة مسبقا ولا تعطي التأثير الحقيقي في إقناع المستثمرين، وقد تكون مفيدة في إطلاق منتجات جديدة لكنها لا تلقى صدى واسعا في سوق الأسهم.
وأحيانا لا يكون التسويق معتمدا على ظهور مشاريع جديدة كما يعتقد كثيرون، بل قد يكون مبنيا على تحقيق مشاريع أو إنجازات مالية معينة. وكثير من الشركات حققت فعليا إنجازات في جدولة الديون أو تخفيضها أو تسويتها بطرق عدة، وباعت أصولا واشترت أخرى بعوائد أعلى، لكنها لا ترى في هذه الإنجازات ضرورة للإعلان والإبلاغ عنها أو يغيب عنها ذلك في كثير من الأحيان.
وحتى إفصاحاتها في البورصة تكون محدودة بالحد الأدنى المطلوب قانونيا، رغم ان موقع البورصة يعتبر بين اكثر المواقع زيارة من المستثمرين ويفترض ان يكون مساحة مجانية للشركات لشرح إنجازاتها بكل توسع وشفافية.
boumeree@
[email protected]