جاء خبر استحواذ أكبر شركة في العالم للنقل التشاركي «اوبر» على شركة كريم للنقل التشاركي بـ 3.1 مليارات دولار ليؤكد مرة أن ثمة مشهدا مختلفا في عالم الاعمال يحدث في الخليج والعالم العربي، كما حدث في الأسواق العالمية.
«اوبر» هي عبارة عن تطبيق بسيط لكنه تمكن من السيطرة على اقتصاد النقل التشاركي، حيث يقود ملايين البشر سياراتهم الخاصة عبر هذا التطبيق ويصنعون ثروة لم تكن تخطر على بالهم.
ففي أميركا على سبيل المثال لكي تصبح انت وسيارتك ضمن شبكة «اوبر»، كل ما عليك تأمينه هو موبايل ذكي وسيارة مؤمنة ومجهزة جيدا لنقل الناس.
واذا لم تكن لديك سيارة فالشركة يمكنها تأمين سيارة لك مع تأمين وبالتقسيط الطويل المدى، حيث تسدد الدفعات من عملك في النقل.
والاقتصاد التشاركي هو اقتصاد ناشئ فرضته التكنولوجيا الحديثة، بحيث يمكن للناس أن تتشارك مع بعضها عبر تطبيقات أو مواقع إلكترونية، فتؤجر مثلا ما تملكه من أصول لشخص آخر لا يملكها لكن يريد استغلالها لفترة محددة.
على سبيل المثال لديك سيارة خاصة فتقوم بنقل الناس الذين لا يملكون سيارة لكن يحتاجون للانتقال الى مكان معين في وقت معين كما يحدث في عالم «اوبر».
والحال نفسه مثلا يحدث في تطبيق AirBNB حيث يمكنك عبره أن تؤجر غرفة في منزلك لزائر لمدينتك لفترة محددة.
و«كريم» قلدت الفكرة الناشئة في أميركا، كما قلدتها منافسة «اوبر» حاليا شركة «ليفت».
وعلى ما يبدو لم تكن «اوبر» مهتمة في منطقة الخليج والعالم العربي عموما، لصعوبة هذه الأسواق، ربما لتحكم فئات بقطاع التاكسيات، تختلف بين دولة وأخرى، ووجود ثقافة اجتماعية تصنف سائق التاكسي على انه من طبقة اجتماعية فقيرة، ما يجعل صعوبة في تقبل الشباب فكرة تشغيل سيارتهم الخاصة لنقل الناس.
وتمكنت «كريم» من استغلال الفجوة بتأسيس الشركة واختراق أسواق صعبة مثل الكويت ولبنان على سبيل المثال. و«كريم» دخلت هذه الأسواق بذكاء عندما رضخت لشروطها بدل ان تفرض شروطها.
ففي الكويت حيث تتواجد سيطرة لفئة معينة على قطاع التاكسيات، تمكنت «كريم» من إدخال هذه التاكسيات في تطبيقها، حيث اصبح السائقون الذين يشغلون التاكسيات يستخدمونها.
وفي لبنان فعلت «كريم» كما فعلت «اوبر» باختراق السوق الصعبة عبر اشتراط ان يكون السائق لديه ما يعرف بـ «النمرة الحمرا» وهي لوحة الأرقام الخاصة بأصحاب التاكسيات ولونها احمر.
لكن فعليا ما فعلته الشركتان يظهر ان هناك تحولا لدى الشباب في تقبل فكرة الاقتصاد التشاركي والاستفادة منه، وسقوط كل الأفكار المسبقة عن فئات اجتماعية معينة تقوم بوظائف محددة.
فمن يعمل ضمن شبكة «اوبر» في السوق الأميركية يجني نحو 5 آلاف إلى 7 آلاف دولار شهريا، (كل حسب اجتهاده والوقت الذي يخصصه للقيادة)، وهو دخل كبير لسائق «اوبر» الذي لا يشترط أي ذكاء أو خبرات أو شهادات جامعية أو غيرها، خصوصا اذا ما قورن بموظفين يعملون في قطاعات مهمة اضطروا للحصول عليها ان يدرسوا سنين طويلة.
ناهيك أن سائق «كريم» و«واوبر» حر في عمله وغير مقيد بوقت ولا يحتاج لرب عمل أو مدير يوجهه، يمكنه أن ينظم أوقاته كما يشاء ويعمل بحرية وباستقلالية ويحكي ويتعرف على آلاف البشر يوميا، وكلما كان متمكنا من التواصل نال tips اكثر، وهذه ثروة أخرى غير محسوبة.
@boumeree
[email protected]