مع كل أزمة جيوسياسية كانت أو اقتصادية، يفترض توقع انهيار في البورصات الخليجية، فهذا واقع يعيشه أي سوق للاسهم في الخليج كما في العالم، فالحرب التجارية المفتوحة بين اميركا والصين أدت الى انهيار البورصات الاميركية في اطول موجة هبوط في اسبوع واحد منذ بداية هذه السنة.
وفي الخليج، كل مرة تدق فيها طبول الحرب وتتصاعد فيها المعلومات نفسها مثل اغلاق مضيق هرمز، معركة بين ايران واميركا، إسرائيل وإيران.. الخ.. تنزف البورصات الخليجية المليارات في يوم واحد، كما حدث هذا الاسبوع، هناك بعض المنطق لدى بعض الصناديق ومديري الاستثمار الذين يتبعون المؤشرات، ويبرمجون كمبيوتراتهم على بيع الاسهم عندما تصل الى مستوى معين، مثلا خسارة 10%.
وهؤلاء المديرون فعليا لا يفعلون شيئا خارق الذكاء، فكل عملهم هو شراء اسهم في المؤشر الاول على سبيل المثال، فاذا صعدت هذه الاسهم فهم بطبيعة الحال سيربحون، وسيقولون لك، انت الذي وضعت مالك لديهم، انهم عباقرة واتوا لك بالعائد الفلاني، اما إذا خسر المؤشر فسيقولون لك انها الحرب وتأثير النزاع الايراني ـ الاميركي، وإسرائيل، وكوريا الشمالية، وهونولولو.. لو.. لو!
لكن بالنسبة للمستثمر الذي اشترى اسهما في البورصة بهدف الاستثمار الطويل الامد، فليس منطقيا ان يبيع عند اول ازمة، لان في ذلك عدم كفاءة في معرفة الاسواق وطبيعة أعمالها.
فهناك دورة طبيعية في الاسواق من الصعود والهبوط، ومن يبع بالخسارة في اول ازمة، فهو فعليا ليس مستثمرا طويل الامد كما يدعي وإنما شخص لا يريد المغامرة ويخاف على كل فلس وضعه في كل سهم، وغير مقتنع بأي استثمار بمدى طويل في الاسهم المحلية او الخليجية، لأن يعتبر لا شعوريا انها اقتصادات غير مستقرة وعليه الهروب بأقل الخسائر عند اول مدفع!
ولا شك ان الكلام سهل، وبديهي ان من يده بالنار ليس كالذي يده في الماء، كحالي انا على سبيل المثال، الذي لا املك اسهما في البورصة الكويتية (ولا الخليجية والعالمية)، لكن هناك ألف باء الاستثمار، على المستثمر ان يضعها في حسبانه، بصرف النظر اذا كان مستثمرا او ينوي الاستثمار.
فأولا، اشتر اسهما تعطك عائدا، لنفترض اعلى من عائد حجز أموالك في البنوك، او ما يسمى عائد الوديعة، او تعتقد ان قيمته اقل من سعره في السوق، ثم ضع فترة معينة لاستثمارك، لنفترض 5 سنوات، اختر سهما فيه صفة الحماية في كل الظروف، لنفرض من الحكومة ومن الملاك الكبار ومن تذبذبات المصدر الرئيسي للاقتصاد الكويتي.
في هذه الفترة انس سهمك، ولا تبعه عند كل هبوط، الا اذا كنت مضاربا، وللمضارب حسابات اخرى، وفي سوق متحكم في ملكيات شركاته مثل البورصة الكويتية، فالمضارب دائما سيخسر مهما تشاطر! والحسبة في السوق الكويتية سهلة لا تحتاج الى مهارات عالية، فالأسهم ذات العوائد السنوية واضحة، وتنتمي الى مجموعات استثمارية واضحة، وحتى ان البورصة ساعدت الناس في تقسيم السوق الى 3 اسواق، لتقول لك اين الاول واين الثاني واين الثالث! ولم يدخل المستثمر الاجنبي الا بشركات السوق الاول وبعض الشركات في السوق الرئيسي، لأن العملية لا تحتاج افتراضات كثيرة، على عكس البورصات العالمية التي تراهن فيها على اسهم، احيانا كثيرة تكون خاسرة، لكن تتوقع النجاح لها مع الوقت، كما يحدث في شركتي «اوبر» و«ليفت» على سبيل المثال الآن، فهناك من يشتري أسهمهما مقتنعا بأن هاتين الشركتين ستربحان مع الوقت، وهناك من يتوقع إفلاسهما ودمجهما معا.
لكن في السوق الكويتية لا احد من اسهم السوق الاول وبعض السوق الرئيسي يفلس، واذا افلس الحكومة تدعمه مباشرة، فلماذا تبيع وتشتري في اسهم مضمونة بكل الاحتمالات؟!
[email protected]@alanba.com.kw