تعود البورصة للعمل اليوم وسط اخبار عن الحروب المفتوحة في المنطقة، خصوصا بعد تصريحات رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم بأن «هناك احتمالات كبيرة للحرب».
كمتابع للشأن الاميركي، والتسريبات من الصحف الأميركية، لا يرجح أن تكون هناك حرب في الأفق، لأن التحليل المنطقي يقول ان الحرب لن تخدم أيا من الأطراف المتصارعة، وهم، من ناحية، اميركا وحلفاؤها في المنطقة السعودية والإمارات، ومن ناحية أخرى إيران، إنما ستشعل المنطقة بشكل لا يعرف مداه. لكن الحروب عادة لا تتم على أساس منطقي، وإنما بدافع الأخطاء التكتيكية، وهي صفات يتمتع بها الرئيس الاميركي دونالد ترامب. فقبل أسبوعين اتخذ ترامب قرارا غير محسوب عندما قرر فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على كل البضائع الواردة من الصين، ثاني أقوى اقتصاد في العالم، فانهارت البورصات الاميركية في اطول هبوط متواصل منذ بداية السنة. وزادت حدة الخسائر مع الرد الصيني بالمثل. فعاد ترامب سريعا ليرسل إشارات للسوق ان هناك حلحلة للملف في الأفق، ما أوقف الانهيارات ورفع البورصات مجددا. وقرر امس تأجيل فرض الرسوم على واردات السيارات لمدة 6 اشهر بعد ان رفع القطاع صرخته من ان الرسوم الاميركية والصينية ستدمر القطاع الذي يعتمد على التجميع في الصين او المواد الخام الصينية. ويؤشر ذلك ان هناك ترددا في السياسة الاميركية تجاه الملفات الشائكة، اقتصادية كانت ام سياسية. وإدارة ترامب يبدو انها تفتح النيران لجس النبض، فإذا وجدت اجماعا سارت في خطتها، والعكس صحيح، فإذا جاءت معارضة قوية، ارسلت الملف الى الادراج.
وما يهم فريق ترامب حاليا هو فوز الرئيس بولاية ثانية في الانتخابات المقبلة، وكل التركيز الآن على المنافع والترويج للمكاسب، فكل مرة يغرد ترامب على سبيل المثال حول ارتفاعات البورصات او انخفاض البطالة في اميركا لأدنى مستوى في 50 سنة، بينما يتراجع سريعا عن كل ما يعكر صفو هذا المشهد الاقتصادي الجميل، وهو حدث بشكل واضح في الحرب التجارية الاميركية ـ الصينية التي تراجع عنها ترامب بعد اقل من اسبوع.
والحرب مع ايران لن تكون سهلة وستأخذ وقتا طويلا، وهو الوقت الذي لا يخدم ترامب في هدفه من الفوز بولاية ثانية، أضف الى ذلك ان الأغلبية في الكونغرس ضده او ضد الحرب، لذا، لن ينجح فيما نجح فيه الرئيس بوش عندما قرر خوض حرب على العراق.
إذن الوقت الآن هو وقت الشائعات، ومن الطبيعي ان البورصات ستنهار. وعندما تزيد الشائعات، يفضل كثير من المضاربين الخروج بأقل الخسائر، ما يعني ان البورصات ستشهد موجة بيعية للاسهم خوفا من مجهول.
وفي علم الاستثمار في الاسهم، يقال دائما «اشتري على الشائعة وبع على الخبر»، لذا فإن المنطق للمستثمر الآن هو الشراء وليس البيع، لان الاسعار ستكون منخفضة وستكون فرصة لتحقيق المكاسب على المدى القريب.
boumeree@
[email protected]