انتهت الأزمة التجارية الأميركية- المكسيكية بسرعة قياسية، وارتفعت الأسهم الأميركية من جديد، بعد هبوط قوي على وقع الحرب الصينية في مايو الماضي، ثم بداية الحرب المكسيكية هذا الشهر.
وقبل ذلك، كانت هناك تصريحات حرب مع إيران، لكن ما لبثت أن انتهت سريعا أيضا.
وتراجعت إدارة ترامب بعد أقل من أسبوع عن فرض رسوم جمركية بنسبة 5% على البضائع المكسيكية على أن ترتفع بشكل شهري الى 25% في شهر أكتوبر المقبل.
وقال ترامب إن هناك اتفاقا مع مكسيكو على ملفات الهجرة واللجوء لم يعلن تفاصيله. لكن في المحصلة هدأت جبهة أميركا الجنوبية، واستمرت الجبهة ما وراء البحار مع الصينيين.
لا شك هناك تحديات اقتصادية في الطريق، وأكبر مؤشر لها ما قاله المركزي الأميركي الاسبوع الماضي انه قد يخفض أسعار الفائدة، وهو السبب المباشر الذي انعش البورصات الاميركية من جديد، لأن المستثمرين اعتبروا ان ذلك مؤشر لاستمرار (رالي) الأسهم الذي بدأ العام الماضي عندما خفضت ادارة ترامب الضرائب على الشركات الاميركية وأشعلت البورصات منذ ذلك الحين الى أن بدأت الحرب التجارية مع الصين ثم المكسيك.
وهناك تناقض واضح في الاقتصاد الاميركي، ففي الوقت الذي يعيش فيه أدنى بطالة منذ 50 عاما، تأتي مؤشرات التوظيف ضعيفة ونمو الأجور عكس التوقعات.
وعلى الأرجح ان السبب في ذلك سياسي، حيث هناك ضغط من ادارة ترامب على ملفات استقطاب العمالة الأجنبية ومنح تأشيرات العمل والإقامة والهجرة، وهو ما ترك السوق الاميركية في نقص للعمالة وأغلقت على اثرها محال كثيرة، وهو السبل الذي لا يرى فيه «المركزي» مؤشرات إيجابية.
والمشكلة مع المكسيك سياسية أيضا، حيث إن ارتفاع تدفق المهاجرين وطالبي اللجوء من الدول على حدود المكسيك، يعني فشل الرئيس ترامب في تحقيق وعوده الانتخابية في الحد من هذا التدفق.
وفي ظل كل هذا الوضع، الذي يأخذ أبعادا اقتصادية تارة وأخرى سياسية تارة أخرى، لا شك أن الأزمات والمعارك ستطول، وسيكون هناك تذبذب كبير في البورصات، محلية كانت ام عالمية، لذا فان التعامل مع هذه الظروف يفترض أن يكون في اتجاهين، أما القناعة بالاسعار التي اشترى على أساسها المستثمر أسهمه في البورصات، وبالتالي الإبقاء عليها او بيعها، او الدخول واقتناص الفرص التي ستتاح في ظل هذه الأزمات المتناقضة، ثم الانتظار الى أن تعود الى الأمور الى نصابها، وهذا يحتاج الى مؤشر سياسي كالانتخابات الاميركية المقبلة، تماما كما يحتاج الى مؤشرات اقتصادية كالعودة الى طاولة المفاوضات بين أميركا وشركائها التجاريين وتحديد كل طرف ما له وما عليه في ظل التجارة الحرة والأسواق المفتوحة.
@boumeree
[email protected]