مرة أخرى تعصف الأزمات الجيوسياسية بأسواق الأسهم الخليجية. حدث ذلك قبل شهر عندما تم الهجوم على ناقلات نفطية قبالة الامارات، وحدث هذا الأسبوع مع الهجوم على ناقلات نفطية ايضا في خليج عمان.
ومع كل أزمة تنهار أسواق الأسهم، حيث يبيع المضاربون أسهمهم، فيلحقهم المستثمرون في البورصات الخليجية والكويتية، وكأن حربا ستقع أو ان هناك مكاسب ستحصل من عملية البيع مع ان العكس صحيح.
فالبيع في مثل هذه الظروف هو فعليا خسارة من حادثة مؤقتة، وهلع غير مبرر. فليست المرة الاولى التي تتصاعد فيها الأزمات الجيوسياسية، والهجوم على ناقلات النفط، والتهديد بإغلاق مضيق هرمز، الخ.. ولن تكون الأخيرة طبعا.
وفي الواقع ان أي أزمة تصيب إمدادات النفط ترفع الأسعار، وهو ما حصل عقب الهجمة على ناقلات النفط الأسبوع الماضي بصعود النفط 2%.
واذا كنت مستثمرا في الأسهم، ويهمك الربح والخسارة من خلف الأخبار سلبية كانت أو ايجابية، وكنت مقتنعا بأن هناك حربا قادمة على المنطقة او ان ازمات جيوسياسية اخرى ستتكرر خصوصا مع تصاعد التوترات الأميركية - الإيرانية، فيمكنك شراء أسهم قطاع الطاقة في الأسواق العالمية، حيث تؤدي الأزمات الجيوسياسية الى رفع اسعار اسهمها وهو ما حصل فعليا في الأسبوع الماضي.
اما اذا وضعت أموالك في أسهم ببورصة الكويت على سبيل المثال، وانت مقتنع بهذا الاستثمار، فيفترض ان هناك حقيقة تتكرر دائما، وهي ان الأزمات الجيوسياسة ترفع أسعار النفط، وبالتالي الاقتصاد الكويتي المعتمد على النفط بنسبة تزيد عن الثلثين سيستفيد من هذا الارتفاع، لذا فإن الأسهم الكويتية ستستفيد، لان معظم الشركات وملاكها والبزنس الكويتي عموما تستفيد وتتفاعل مع أداء النفط، الذي يدفع الحكومة الى زيادة الإنفاق ودفع الرواتب والمستحقات لشركات البنية التحتية والموردين وغيرهم.
وكثير من الاقتصاديين والمستثمرين مثل وارين بافيت يشترون الأسهم في الأزمات.
اما الخوف من توقف إمدادات النفط في حال اغلاق مضيق هرمز، الذي يعبر من خلاله ثلث النفط العالمي، فالمؤسسات النفطية الكويتية تقول دائما ان لديها منافذ أخرى لتسويق نفطها وتأمين الإمدادات، لذا فلا خوف يذكر من هذه الناحية، «حسب الرواية الرسمية».
وفي الواقع، ان البورصة الكويتية تعيش حاليا افضل سنواتها منذ الأزمة المالية، وهو ما يمكن تبريره بالأرقام، فالمؤشر العام ومؤشر الأول قفزا بنسبة 21% و15% تباعا منذ بداية العام، وهذه النسب بين الافضل أداء عالميا.
الثقة عادت للبورصة من خلال السيولة المتداولة، التي قفزت منذ بداية هذه السنة ضعفي ما كانت عليه في العام الماضي ليصل المتوسط اليومي الى 31 مليون دينار أو 100 مليون دولار. وهناك تحولات مهمة حدثت مثل وصول القطاع الخاص الى ادارة مرفق البورصة ممثلا بتحالف الاستثمارات الوطنية، وهو امر تمت الإشادة به من مؤسسات عالمية مثل «فوتسي» وMSCI وهو ما دفع الاخيرة الى ترشيح الكويت للدخول في قائمتها للأسواق الناشئة في المراجعة في 25 يونيو الجاري.
ويعني ذلك ان 3 مليارات ستدخل البورصة في حالة الترقية الى MSCI، وهو امر سيعزز موقع الأسهم الكويتية عموما. وكل هذه المؤشرات لا تفترض البيع السريع للأسهم عند كل ازمة جيوسياسية، خصوصا ان هناك قناعة وإعلانا اميركيا رسميا بعدم وجود تحرك عسكري ضد ايران، وان الأمور ستستمر على هذه الحالة من تهديدات أمنية ومناوشات في الأماكن البحرية المشتركة وحروب بالوكالة.
boumeree@
[email protected]